الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أنا أمام مفارقة؛ فمن ناحية هناك العرض الذي تقدم به الملياردير السويدي لاسلو سومباتفالي بمنح خمسة ملايين دولار لمن يتمكن من وضع وتطوير نظام حكم للعالم أفضل من الحالي وذلك بهدف تحقيق عدة أمور أهمها الَحدَّ من الفقر؛ من ناحية ثانية فإن أصحاب الملايين أو بعض شركاتنا لا تتورع عن الفصل الجماعي للموظفين بأعذار واهية مستغلة او بالأصح مسيئة استخدام المادة 77 من نظام العمل.
ونحن بالتأكيد ليس في حاجة إلى لاسلو سومباتفالي السويدي ومبادرته الرائعة حتى نتعلم محاربة الفقر. ففي تراثنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا ما يحضنا على محاربة هذا الداء. والفصل من العمل، خصوصًا عندما يكون بصورة جماعية هو من أحد الأسباب المؤدية إلى تلك الظاهرة التي صرنا نستعيذ بالله منها. ولهذا فإنه يفترض أن تتخذ الإجراءات التي تحد من سوء استغلال المادة 77 من نظام العمل التي تتضمن من ضمن ما تتضمن امكانية إنهاء العقد لسبب غير مشروع.
من ناحية أخرى فإن الاستغناء عن الموظفين بأعداد كبيرة لا بد وأن يثير السؤال عن الأسباب. فمثلما نعرف فإن الشركات في كافة انحاء العالم تقوم بتسريح المئات من موظفيها أو حتى أكثر عندما تكون الشركة في ضائقة مالية تجبرها على القيام بإعادة هيكلة من أجل تقليص النفقات. كذلك فإن الشركات الكبيرة عندما تندمج مع بعضها تقوم بعملية هندرة تستغني من خلالها عن الوظائف المكررة.
ولكن بعض شركاتنا التي تستعين بالمادة 77 إنما تقوم بذلك، على ما يبدو لي، ليس بسبب ما تمت الإشارة إليه وإنما جراء الفراغ القانوني في العديد من جوانب الاقتصاد-كان الله في عون مجلس الشورى-بحيث أينما تلتفت تجده أمامك. وأعتقد أن إجراءات وزارة العمل، عندما بدأت تطبيق برنامج نطاقات وما تبعه، قد وسعت من الفراغ القانوني في سوق العمل بدلًا أن تعالجه. فأوامر ونواهي الوزارة صارت تحل محل آلية السوق التي هي الأخرى قد همشت بعد ارتفاع أسعار النفط في السبعينات من القرن المنصرم من خلال شخصية الكفيل. فعصى وزارة العمل قد أجبرت الشركات على التوظيف حتى لا تدخل في النطاق الأحمر. وقتها برزت شركات صارت نموذجًا تستشهد به الوزارة على حسن الطاعة.
ولكن هذه البطالة الوهمية التي خلقتها وزارة العمل لا يمكن أن تستمر إلى مالا نهاية. ولذلك ربما استغلت بعض الشركات المادة 77 للقيام بتصحيح أوضاعها. ولهذا فعلينا ألا نستغرب إذا ما تصدرت قائمة المصححين تلك الشركات التي كانت عام 2012 محل مديح وإطراء وزارة العمل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال