الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عند الحديث عن البيئة الاقتصادية الجاذبة لرؤوس الأموال نجد من ضمن الضمانات المهمة هو بنية وقوة المناخ القانوني والتنظيمي للبلد المستهدف، فسن القوانين المحفزة للاستثمار والتي يجب أن تتمتع بالاستقرار وعدم التضارب فيما بينها حتى تجذب الاستثمار، فضلاً عن ضرورة وجود القضاء العادل ونظام التحكيم الذي يتكفل بحسم المنازعات والذي يعتبر من العناصر الهامة في تهيئة المناخ الاستثماري، كما أن للمؤسسات القائمة على تنفيذ القوانين دور كبير في جذب الاستثمار ورشاقته من خلال التسهيلات وتيسير الإجراءات والبعد عن التعقيدات والبيروقراطية وطول الإجراءات.
دور القضاء لم يعد ينحصر في البت في النزاعات بين الأطراف فقط, بل أصبح يلعب دورا مهما على مستوى تحقيق التنمية الشاملة, فالعالم أصبح يتكلم لغة اقتصاد السوق وهيمنة عولمة الاقتصاد ولقد أصبحت العلاقة بين القضاء والاقتصاد من الموضوعات التي تستأثر باهتمام مجموعة كبيرة من رجال الاقتصاد والقانون وغيرهم من متتبعي الشأن العام.
على النطاق العالمي:
كان أحد أهم الجوانب التي كانت مسار مفاوضات المملكة مع منظمة التجارة العالمية، هو مدى تطابق أنظمة المملكة مع اتفاقيات المنظمة المختلفة، وبناء على ذلك صدر قرار مجلس الوزراء رقم (66) وتاريخ 17/3/1421هـ القاضي بأن تقوم جميع الأجهزة الحكومية بمراجعة جميع الأنظمة ذات العلاقة بما يتفق مع ما يقتضيه انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، ورفع ما يتم التوصل إليه لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة وإعداد الدراسات التي تبين المكاسب والتكاليف المترتبة على الانضمام والتهيئة لمرحلة ما بعد الانضمام.
كما نص القرار على تشكيل لجنة فرعية للتحضير للجنة الوزارية المكلفة بمهمة متابعة جميع مـا يتخذ من قرارات وما يرسم مـن سياسات وقواعد في النظام التجاري العالمي، وذلك بالقيام بمراجعة مستمرة لمـا يتم التوصل إليه من قبل فريق التفاوض السعودي.
وبناءاً على ذلك فقد حُدثت بعض الأنظمة الموجودة استجابة لشروط المنظمة ومنها على سبيل المثال :-
أ – نظام العلامات التجارية.
ب- نظام حق المؤلف.
جـ- نظام براءة الاختراع.
كما استحدثت أنظمة لم تكن موجودة بالأصل مثل:
أ – نظام الأسرار التجارية .
ب – الاستثمار الأجنبي .
وهذه الأنظمة استحدثت قبل التوقيع النهائي لانضمــام المملكـــة إلــــى المنظمة لكنها تمت كمتطلبات واستعداد للانضمام .
كما صدر مرسوم بإعادة هيكلة القضاء بشكل جذري وماتضمنه من إيجابيات إداريــة وتنظيمـية إلا أنــه استثنيـت فيه مزيد من اللجان الإدارية ذوات الاختصـــاص القضـائي من القضـــاء مثل نظـــام الاستثمار الأجنبي والتأمين وسوق المــال بالإضافة إلى اللجان الســـابقة وهذه سلبية تؤدي لازدواجية القضــاء.
على النطاق المحلي:
بقدر ما يكون قضاء بلد ناجعاً و متطوراً بقدر ما يوفر ثقة كبيرة للمجتمع فيه و للفرد في اللجوء إليه لكي يسترد له حقوقه.
إن توفير الاطمئنان للمتقاضين لدى المؤسسة القضائية، وهذا لا يتأتى إلا بالرقي بمستوى الخدمات التي يؤديها من خلال جودة الأداء واستقرار الاجتهاد والعمل القضائيين بما يتوازن وروح التشريع وتحقيق العدل بين مكونات المجتمع، إذ أن الأمن القضائي يعتبر حقيقة ملاذا للكل لدرء تعسف البعض وطغيانه.
ولا شك أن ظروف العمل للمنظومة القضائية قد تؤثر سلبا على التنمية الاقتصادية فاذا كانت المحكمة التجارية تأخذ من أربع إلى ست سنوات للبت في قضية ما فلن تجد المستثمر الذي يغامر باستثمار أمواله ، فالمستثمر يبحث دائماً عن الفعالية والسرعة والأمن والثقة في كون المعاملات التجارية ستنفّذ بوضوح وأنه في حالة وقوع نزاع بشأنها فإن هناك آليات قانونية تضمن حماية حقوقه.
“رأس المال بطبعه جبان” فإذا لم يطمئن على أمواله وبصورة أخرى إذا لم يكن متأكداً من أن المنظومة القانونية الموجودة تساعده وتمكّنه من حقوقه فهو لن يغامر باستثمار أمواله.
وكذلك القاضي يجب أن يكون ذا كفاءة عالية وعليه عدم الاكتفاء بالتكوين القانوني الجامعي فقط وإنما من الضرورة أن يتواصل التأهيل المستمر ومواكبة التطورات التشريعية العالمية والانفتاح على المحيط الخارجي، ففي الجانب الاقتصادي على القاضي الاهتمام بالمسائل التي تهم الجانب المالي وكذلك قوانين التجارة العالمية والاقتصاد والمحاسبة والشؤون الاجتماعية.
كما ضرورة توفير الأجر الكافي للقاضي والذي يجعله في غنى عن الالتجاء إلى أي باب من الأبواب التي تضعف مكانته وممارسة مهامه بعيداً عن الإغراءات المادية، اضافة الى ضرورة تحسين ظروف العمل بتوفير المكاتب والأجهزة والأدوات اللازمة.
” نظام تنفيذ” أعاد الأمل ..
القطاع القضائي بالمملكة وفي ظل رؤية 2030 الطموحة التي أقرّتها القيادة لبناء مستقبل اقتصادي عصري يعمل على الاستثمار الأمثل للموارد والثروات , ويأتي قضاء التنفيذ بحزمة من الامتيازات غير المسبوقة للمحافظة على المناخ الاستثماري الآمن وسط منظومة متكاملة من الأنظمة والقوانين التي تحفظ الحقوق في مختلف تعاملات الأوراق التجارية.
آخر الإحصائيات عن محاكم التنفيذ بالمملكة أعطت تصورا عن حجم المال المتعثر في مختلف الأوراق المالية المتعثرة، حيث ظهر إجمالي المبالغ المنفذة التي عملت محاكم التنفيذ في مختلف مناطق المملكة على استرجاعها منذ بدء نظام التنفيذ تحاوز الـ 160.58 مليار ريال، هذه الأموال تمّت معالجتها واستعادتها لمستحقيها بما يعزز من مكانة ومتانة واقع العدالة الناجزة ويوفّر الآمان الاستثماري المأمول.
لا يفوتني التأكيد على أهمية وقيمة ما تقوم به وزارة العدل من أعمال وإجراءات وجهود مشكورة، لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – ومتطلبات الرؤية الوطنية السعودية في ميدان القضاء، وللوزارة فريق عمل نشط تميز بالحرص الواضح على إشراك كل ذوي العلاقة بالعملية القضائية في هذه الجهود .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال