الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثر الحديث ومعه التقديرات من هنا وهناك حول القيمة العادلة لشركة أرامكو سواء كانت أرامكو التي تهدف لتعظيم قيمتها لتحقيق الاستفادة القصوى من الطرح العام لأسهمها أو بيوت الخبرة المالية والاستثمارية التي من مصلحتها طرح أرامكو بسعر منخفض. وعموماً فمسألة تحديد القيمة العادلة لأرامكو لا تكمن في قيمة أصولها الحالية وغير المعروفة لكون أرامكو شركة غير مدرجة في أي سوق؛ ولكنها تكمن في القيمة المستقبلية لأرامكو والمردود الذي ستحققه من عملياتها المستقبلية في ظل عدد من الافتراضات سواء الإيجابية أم السلبية؛ فما هي يا ترى أهم محددات القيمة العادلة لأرامكو؟
1- الاحتياطيات النفطية التي لا تملكها أرامكو ولكن تملك حق إدراتها بالتنقيب والاستخراج والبيع مقابل رسوم امتياز (20% من الإيرادات) وضريبة (85% من صافي دخل) تدفعهما للحكومة السعودية هي أهم عنصر يدعم تقييماً عالياً لأرامكو لأنه يعطي للمستثمر شعوراً بالطمأنينة حول مستقبل الإمدادات المتوفرة لأرامكو.
2- النظام الضريبي يتطلب التعديل لجعل الآداء المالي لأرامكو أكثر جاذبية، ولكن هذا قد يطرح تساؤلاً حول البدائل التي ستتوفر لتمويل ميزانية الحكومة وهذا ما سيتم تناوله في الجزء الآخر من هذه المقالة.
3- بدائل النفط وثورة النفط الصخري: هناك توجه عالمي للاستثمار في بدائل الطاقة النظيفة بما فيها المملكة العربية السعودية حيث قامت أرامكو نفسها بتركيب وتشغيل أوتوربين لإنتاج الطاقة باستخدام الرياح في طريف خلال شهر يناير الماضي ما قد يقلل الطلب على النفط كمصدر للوقود إلا إن وجد له استخدام مجد كمصدر للقيم في الصناعات البتروكيماوية؛ كما أن هناك نمواً في إنتاج النفط الصخري وهذا قد يضع ضغطاً على أسعار النفط مستقبلياً خاصة في حال تطوير تقنيات تؤدي لخفض تكلفة إنتاج النفط الصخري مع العلم أن بعض المصادر تتوقع تراجع إنتاج النفط الصخري في أمريكا بعد 2021م.
4- تنويع القاعدة الاستثمارية لأرامكو والتوسع في قطاع الصناعات البتروكيماوية والصناعات التحويلية ذات الهوامش الربحية المرتفعة نسبياً خاصةً إن نجح مشروعها المشترك مع سابك؛ مشروع الزيت للكيماويات Oil To Chemicals ولكنه لا يزال في بداياته وليس هناك تصور حول قيمة عوائده ما يجعل من الصعب القول بأنه سيرفع قيمة أرامكو المستقبلية.
5- تكامل أرامكو من حيث تمتعها بسلسلة عمليات تبدأ من امتياز التنقيب عن النفط وانتهاءاً بالمصافي التي تملكها محلياً وعالمياً والمدعومة بمكاتب البيع والتسويق المنتشرة عالمياً وهذا بالإضافة إلى عملها المتواصل على رفع حصتها السوقية من خلال الاستحواذ على منشآت نفطية في أسواق مستقبلية واعدة سواء في ماليزيا (بتروناس) أو إحدى الوحدات التابعة لشركة لنفط الأوروبية OMV في تركيا.
هل سيتم تأجيل اكتتاب أرامكو؟
هناك مستجدات تشكل تحديات لطرح أرامكو ويجب أن تتوفر إجابات حولها وهي تتعلق بالضريبة التي تدفعها أرامكو حالياً وهي قرابة 85% من صافي دخلها للحكومة السعودية و20% من إيراداتها كرسوم امتياز. وبالتالي سيكون هناك تحديان رئيسان أمام الحكومة السعودية للتعامل مع:
1- سيتم خفض الضريبة على دخل أرامكو وذلك لجعل قيمة سهمها أو اكتتابها أكبر ولجذب المستثمرين لشركة ذات صافي دخل ضخم فعلاً؛ ولكن من أين ستأتي إيرادات الحكومة السعودية بعد ذلك لتمويل ميزانيتها التي تقارب التريليون ريال سنوياً إذا ما تم خفض الضرائب على أرامكو خاصةً وأن برامج التحول الوطني ورؤية 2030م لا تزال في بداياتها للقول أن هناك بدائل للنفط؟ قد يكون هناك حل آخر وهو وضع سياسات توزيع أرباح بحيث تحصل الحكومة السعودية على الدخل الذي كانت تحصل عليه في ظل نظام الضريبة الحالي والذي بلا شك سيسعد حملة سهم أرامكو الآخرين؛ ولكن هل سيكون هذا قابلاً للتطبيق حسب قوانين السوق المحتمل لإدراج أرامكو سواء بورصة نيويورك أو لندن أو تورونتو أو حتى هونج كونج؟!
2- العائد من حجم التمويل المتوقع جنيه بعد طرح أرامكو والذي تقدره بعض المصادر بـ 5% أو 100 مليار دولار أو 375 مليار ريال لا يتجاوز نصف ميزانية سنة واحدة؛ وحتى لو افترضنا أن الاكتتاب سيكون 10% وسيعود بميزانية سنة كاملة! فهل هذا مبلغ كاف لإنجاز التغيير المنشود وتمويل برامج رؤية 2030م والتي لا تتوافر تقديرات واضحة حول متطلباتها؟
كل هذه المستجدات تشير إلى أن التريث في أمر الاكتتاب أفضل؛ وإن كان هناك استعجال في عملية الطرح فهو قد يعود لنظرة متشائمة بشأن أسعار النفط المستقبلية وأن الطرح الجزئي لأرامكو ما هو إلا سياسة خروج آمنة Safe Exit وسيتبعه المزيد من الطرح التدريجي لها في السوق؛ ليظل السؤال الأهم: ما هي خطط الرؤية؟ وأياً كانت عوائد طرح أرامكو؛ كيف سيتم استثمارها لتنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال