الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عملت في شركة سعودية كبيرة عندما كنت طالبا في الجامعة ، والقسم الذي عملت فيه يسيطر عليه موظفون آسيويون وعربي . أول ما ظهر لي من حربهم علىّ عدم تمكيني من العمل ثم الرفع لمدير الشركة أني لا أعمل بل طلبوا بفصلي لأني بدون فائدة ، ولأن مدير الشركة يعرفني جيدا لم يصدقهم مما أضطرهم لإعطائي عمل وكان أسوأ عمل على الإطلاق في القسم وكله مشاكل ويحتاج خبرة كبيرة، ولم يقدم لى المسؤولين عن القسم أي تدريب ، لكن أحد الموظفين الأفارقة غير العرب احسن لي لما رأى من حرصي وقدم لي بعض النصائح الشفهيه .
نجحت في ذلك العمل بدرجة مذهلة جدا بل وملفتة للنظر حتى أصبحت مرجعا فيه خلال أشهر قليلة جدا ، الأهم أني كشفت مشاكل تنظيمية وثغرات قانونية كبيرة يمكن من خلالها التلاعب بكل حسابات الشركة ولا يمكن لأي مكتب محاسبة أو مراجعة كشفها ، جمعت تلك المشاكل ورفعت بها بتقرير لمدير الشركة ، ونصحته بتغيير بعض التنظيمات الهيكلية للقسم وتعديل بعض الأنظمة التشغيلية .
لهذا الموضوع أكثر من خمس وعشرين سنة ، بعد كل ذلك الزمن وبعد كل ما وصلت إليه السعودية من تطور وما وصل إليه الشباب السعودي من علم وخبرة وإبداع لم يتحسن الحال بل زاد سوءا ، فلم يعد للسعودي في بلده مكان . إتهام العنصرية هنا إتهام أجوف بل هو العنصرية بعينها ، فكيف يتسكع ما يقارب من مليون شاب سعودي في شوارع وطنهم يستجدون كل الجنسيات أن يوظفوهم في أعمال أقل من شهاداتهم وخبراتهم وقدراتهم والنتيجة (مالك عنا وظيفة ) ، بينما أكثر من عشرة ملايين وافد يستمتعون بأفضل الوظائف والمرتبات والمزايا .
إن كانت المطالبة بحقوق أبناءنا بل أبسط حقوقهم عنصرية ، فأنا عنصري حتى العظم ، بل مقاتل شرس في سبيل حقوقهم . وهنا لا أوجه كلامي لمن وجد مالا سائبا وسرقه ، بل كلامي أوجهه لمن ترك ذلك المال سائبا . وأول من أتهم في ما يحدث وزارة العمل التي صممت أنظمتها بما يخدم مصالح فئة بسيطة من المجتمع على حساب مصالح الوطن ، ثم تعذرت ببعض المسكنات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تحل مشكلة .
ما نحن فيه الأن حرب أكثر خطورة من حرب الحد الجنوبي ، فماذا تنتظر وزارة العمل أن يحدث حتى تتحرك ؟ هل ستظل تخرج علينا بعد كل مقطع ينتشر في مواقع التواصل لتقول أنها تفاعلت مع الحدث؟ أين دورها الإستباقي بتعديل الأنظمة ومتابعة تنفيذها؟ هل ستبقى مجرد ردة فعل لما يحدث؟ بل وردة فعل أعلامية خجولة أكثر منها عملية لحل مشكلة أمن وطن خطيرة .
الكل يدرك حجم الكارثة وبالأرقام التي لم تعد خافية على أحد ، وسرد الأرقام في أي مقال عن سوق العمل كمن يصور الشمس ليثبت وجودها . والكل يعرف مواطن الخلل والفساد التي أوصلتنا لما نحن عليه الأن ، من تستر وتوطين وهمي وسيطرة الوافد على مفاصل سوق العمل ومواقع القرار وطمع وجشع بعض رجال الأعمال وغيرها من المشاكل ، فماذا تنتظر وزارة العمل وكل الوزارات والجهات الحكومية ذات العلاقة .
وأخيرا أوجه كلامي لبعض رجال الأعمال الذين استهواهم الربح السهل الكبير ، هل تتوقعون أن الوضع يمكن أن يستمر بهذا الشكل الفاسد دون أن يتضرر الجميع بما فيه أنتم وأولادكم ؟ أنقذوا مستقبل أولادكم من أصلابكم وأولادكم من أبناء الوطن ، فالمستعمر لن يقبل بالشراكة ما لم يُخرج أصحاب الأرض منها ، والشواهد في العالم أكثر من حصرها ، أفيقوا وأتقو الله في وطنكم وأبنائكم .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال