الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما نتحدث عن الهزات الاقتصادية فالقصد منها هو انعطافة أو تحول في المسار المالي خارجياً أو داخلياً يهدد الشركة أو يوقف استمرار أنشطتها، وهو أمر لا مفر منه، فمن المعروف أن هناك العديد من العومل التي تؤثر على الاقتصاد العالمي والمحلي، وبالتالي تكون الشركات الغير مستعدة والتي لا يوجد لها استراتيجية مالية واضحة وصحيحة، تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه. في هذا المقال سنتطرق إلى بعض الدروس المستفادة من بعض التجارب خلال عملي في العديد من الشركات الرائدة لتصميم الخطط الاستراتيجية والاشراف على بلورة اللوائح المالية والإدارية.
من البديهي أن يكون لمجلس الإدارة طموح كبير للتميز في الأداء المالي، وعلى ذلك يجتهد رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، ولكنهم يمضون الساعات الطويلة في نقاش يغلب عليه الشكوى والملامة والحلول السطحية أحيناً، وأحياناً أخرى يتناولون حلولاً في ظاهرها استراتيجية وفي باطنها تفتقر إلى أساسيات المنهجية الاستراتيجية للصحة المالية أن صح التعبير. من الدروس المستفادة في هذا الإطار هو وضع استراتيجية مالية نموذجية، طموحة ومرنة تؤخذ بعين الاعتبار التقلبات الاقتصادية المستقبلية، يتبعها العديد من اللوائح المالية والإدارية التي تنظم النشاط المالي بطريقة سلسلة ومنضبطة، على أن تشتمل على إمكانية سرعة التحرك وتقديم البدائل المرنة في حالة الهزات المالية.
الدرس الثاني المستفاد أن بعض الشركات رغم تأكيدها على وضع الاستراتيجيات المالية الجيدة، إلا أن تنفيذها يخضع لأهواء شخصية تؤدي إلى هزات تكون في بعض الأحيان مؤثرة سلبياً على أداء الشركة، وهذا ملاحظ خاصة في الشركات العائلية التي يتعامل الملاك مع الأمور المالية من مبدأ ” المحفظة الشخصية الخاصة”. ولا تستغرب أيها القارئ الكريم أن هذه المحفظة الشخصية تشتمل على الرواتب والمشتريات وجميع أنواع المصروفات. من هنا يتضح ان الدرس المستفاد هو أن يلتزم رئيس مجلس الإدارة ويحث بقية الأعضاء على الالتزام والعمل بمضمون اللوائح المالية والإدارية التي تم اعتمادها في الأساس من قبلهم تلافياً للهزات المالية وتفعيلاً للصحة المالية.
السيولة النقدية للشركات تعتبر من الأمور الضرورية، كما أن السيطرة على هذه السيولة النقدية بمثابة الطريق الذي يمهد لتحقيق النتائج. فمع الاهتمام بالحفاظ على الموارد المالية ومجابهة التحديات الكثيرة، يتطلب أن يكون هناك رؤية واضحة للشركات. من خلال تصميم الكثير من الخطط الاستراتيجية للشركات والوزارات الحكومية، عادة من يتم تحديد نتائج الأعمال الرئيسية Key Results Area KRA)) ومن ثم تطوير المبادرات والمشاريع Initiatives @ projects التي تحقق تلك النتائج.
ولذلك فإن الأمر الشركات التي تتمع بصحة مالية جيدة ينتهجون هذا المبدأ. من هنا يأتي الدرس المستفاد الثالث وهو أن الشركات ذات الفاعلية المالية يعملون على تحديد مجموعة من النتائج ذاك التأثير الكبير من خلال التركيز على مجموعة من نتائج الأعمال الرئيسية KRA. كما قال ستيفن كوفي ” أبدأ والنهاية في رأسك”
الدرس الرابع يتعلق في اختيار المدير التنفيذي للشركة، حيث أن الدراسات تشير إلى أن من أهم العوامل التي تؤثر على الصحة المالية للشركة هي طريقة ونمط إدارة المدير التنفيذي والقرارات التي يتخذها سواء على المستوى التنفيذي أو الاستراتيجي. البعض من المدراء التفيذيين يكون نمط الإدارة لديه التركيز على التفاعلات اليومية والإجراءات ومراقبة التفاصيل، والبعض الآخر يهتم في بمتابعة الحضور والغياب وحل المشكلات الشخصية بين الموظفين والمشكلات الطارئة، أما نمط الإدارة لدى الشخص الثالث فهو الاهتمام بمصالحه الشخصية خارج نطاق الشركة والانشغال بمتابعتها وأدارتها عن بعد. الأمثلة كثيرة في هذا الشأن، وما يهمنا في هذا المقام والدرس المستفاد هو أن اختيار المدير التنفيذي الذي يتمتع برؤية واضحة، وحس مالي رفيع، ويعمل ضمن اسراتيجية محكمة لتطور الشركة ومجابهة الأعاصير والهزات المالية المستقبلية.
الأزمات المالية تخلق الأعاجيب، ففي أحدى الشركات وبعد أزمة مالية حادة وعدم وجود سياسة مالية واضة، إضافة إلى تخبط إداري متوارث، أضطرت الشركة أن تقوم بتسييل كثير من الأصول المهمة لتوفر المال وسداد الديون بدءاً بالرواتب المتراكمة وانتهاءاً بتوفير السيولة النقدية للمشاريع التي توقفت.
بعد أن استرجعت الشركة عافيتها واجتازت الأزمة المالية بنجاح بتوفر السيولة النقدية، عادت حليمه لعادتها القديمة! وكأنه لم يكن هناك أزمة، واستمرت الشركة في ممارسة طريقة الإدارة الخاطئة والعشوائية، ولم تستفيد من هذا الدرس القاسي. يقودني ذلك إلى توقع أن الشركة ستكون في وضع سيء للغاية خلال الأزمة المالية التالية ما لم تقوم بتعديل أوضاعها المالية والإدارية. لهذا فإن الدرس المستفاد هنا هو أخذ العبرة من الأزمات الماضية، واتخاذ القرارات الكفيلة بوضع وتصميم النهج الإداري والمالي الذي يحول دون الوقوع في مثل هذه الأزمات مستقبلاً.
في هذا المقال المختصر حاولنا أن نلقي الضوء على عدد من الدروس العملية المستفادة التي من الممكن أن تساعد الشركات على التفكير في دراسة الواقع وإعادة النظر في السياسات المالية والإدارية، ووضع الاستراتيجيات المناسبة لمجابهة المخاطر المالية المحتملة في المستقبل.
الدروس المستفادة
1- تصميم استراتيجية ذكية ومرنة.
2- الالتزام باللوائح المالية والإدارية من قبل مجلس الإدارة.
3- تحديد نتائج الأعمال الرئيسية.
4- العناية التامة باختيار المدير التنفيذي.
5- الاستفادة من الدروس والأزمات المالية السابقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال