الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يبدو أن “الإبن البار” طغى بعقوقه على أهله ، بعد سنوات طويلة من الدلال والحب المفرط وقلة العمل وضعف الإنتاج التي أصابته بالتخمه والإنتفاخ! ، وإدمان المهدئات والمسكنات الائتمانية التي لعلها تساعده لتخفيف وطئة الإنهيار والسقوط المحتم.
لتوضيح الوضع العام لقطاع العقار يجب الأخذ بعين الإعتبار المكونات الأساسية لهذا القطاع ، الذي أصبح عائقا أمام حل أهم أزمة يعيشها الوطن هذا السنوات ، وهي أزمة السكن التي أعتقد أنها أخذت تتعقد ليس لصعوبتها إنما للطريقة التي نتعامل بها مع الأزمة ، فقطاع العقار يتكون من مجموعة عناصر واضحة والتي تم ضبط أغلب عناصرها :
*نبدأ أولاً بأساس القطاع العقاري “الأراضي” بقسميها البيضاء اللامطورة والبيضاء المطورة والتي أصبحت متوفرة بشكل كبير أمام وزارة الإسكان بعد استعادة الحكومة لملايين الأمتار من الأراضي المسلوبة .
* المكون الثاني: “صكوك الأراضي” وهي ورقة اثبات الملكية التي تصدرها وزارة العدل والتي ايضاً تم حل أغلب مشاكلها بعد إعادة صياغة حصر وتوثيق ملكيات الأراضي والعقارات بشكل عام من قبل وزارة العدل.
* ثالثاً: “الشؤون التشريعية والتنظيمية” التي تقوم عليها وزارة الشؤون البلدية والقروية والتي تهتم بسلامة جميع الشؤون التشريعية والفنية المتعلقة بالفسوحات والتراخيص الإنشائية اللازمة لرسم الخارطة الأساسية للأعمال الإنشائية ، والتي تعهدت الجهات التشريعية سرعة إنجازها خلال فترات زمنية محددة.
*رابعاً : “التطوير العقاري” وهي عملية التنسيق والترتيب الفني والتقني بين جميع الجهات المعنية للوصول إلى المنتج العقاري النهائي.
*خامساً : أعمال “البناء والتشييد” وهي معنية بشركات المقاولات لإتمام عملية البناء وفق ماتنص عليه الرسوم المعمارية والتراخيص اللازمة بمواد البناء اللازمة والمرخصة من الدولة.
*سادساً : “التمويل المالي” سواءً بالاستثمار المباشر أو بالحلول الائتمانية التي تكفل توفير الأموال اللازمة لتغطية تكاليف جميع المتعلقات القانوينة والتشريعية والفنية والإنشائية والتسويقية والحلول الائتمانية اللازمة لدعم المستهلك النهائي ، كما تكونت الكثير من الصناديق الإستثمارية التي تضخ الأموال للاستثمار في القطاع العقاري.
جميع تلك المكونات تم العمل على تحسينها وتفعيلها من قبل الجهات المعنية لجعل القطاع العقاري أكثر قوة وصلابة وأفضل من أي وقتٍ مضى ، ولكن مازال القطاع العقاري يعيش حاله من الركود وبطء الحركة وربما بدأ يدخل حالة انكماش لم يشهدها من قبل!!
إذاً أين الخلل ؟؟ أعتقد أن الخلل الأساسي في قطاع العقار هو “سعر المتر” وهو المكون البسيط والأساسي لعملية البناء والتشييد، والذي يؤثر بشكل أساسي على النموذج المالي والمحاسبي على جميع متعلقات إنتاج المنتج العقاري النهائي ، والذي ترفض الجهات المعنية أن تخوض فيه أو تحاول حل هذا الخلل الذي يكمن في تضخم أسعار الأمتار التي تضخمت بلا معيار أو أساس سعري اقتصادي أو تجاري ، إنما بنيت الأسعار على أهواء وتخيلات مجموعة من الأفراد اجتمعوا حول “سطل بيالات” أطلقوا العنان لمخيلتهم وأصبحوا يضعون الأسعار بدون سبب أو معيار أو آليه، فأصبحت الأسعار عبارة عن “سواليف” تزيد أو تنقص حسب الحاله المزاجية لمالك العقار أو مسوقيه.
وعندما أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء مشكوراً، وتم تفويض وزارة الإسكان بتطبيق وتحصيل رسوم الأراضي على مراحلٍ أربع ، تبدأ برسوم الأراضي الخام الغير مطورة ومن ثم رسوم الأراضي الخام المطورة إلى أن تمر إلى المراحل الثالثة والرابعة والتي لها تفصيل أدق، وبدل أن تخوض وزارة الإسكان في عملية تطبيق الرسوم على الأراضي وضعت كل جهدها في إختراع برامج ائتمانية لدفع عملية شراء المنازل المتضخمة أسعارها!! الأمر الذي يضع امامنا السؤال التالي : لماذا ندفع عملية الشراء لمنتجات سكنية متضخمة ؟.
الكل محجم عن التعامل مع القطاع العقاري تجارياً وسكنياً بسبب تضخم الأسعار ، إذاً لماذا يدفع المواطن بالتزام ائتماني مرهق لعقدين من الزمن في سكن لن يستحق نصف سعره بعد زمن قليل ؟ لماذا نضع المواطن والمؤسسات الائتمانية في معادلة متضخمة عالية المخاطر ربما تقودهم إلى التعثر؟ لصالح من؟ لماذا لم تطبق وزارة الإسكان المرحلة الثانية من رسوم الأراضي ؟ والكل يعلم أن معادلة الطلب والعرض لم ولن تتوازن بهذه الأسعار. !!.
يجب فهم معادلة الطلب والعرض الحالية ، حيث أن العزوف عن التعامل مع القطاع العقاري لسببين مهمين أولهما ضعف القدرة المالية لدى المستهلك النهائي خصوصاً بعدما انحسرت مداخيله خلال العام 2016. والسبب الثاني الذي اعتقد أنه الأكثر تأثيراً ، وهو اختيار المستهلك النهائي “عدم الشراء”، لعلمه ووعيه أن هذا المنتج السكني غير مناسب سواءً من حيثيات تضخم الأسعار وأيضاً من حيث قلة جودة تلك المنتجات وحتى لو اقحمت المؤسسات التمويلية لزيادة القدرة الشرائية فبذلك نعرض المستهلك النهائي لمخاطر التعثر وضياع أموال الجهات التمويلية في منتجات مبنية على تساعير غير حقيقية أو غير موزونة التسعير.
يجب أن يكون التفكير متركزاً على المصلحة العامة واتخاذ التدابير والإجراءات بشكل موضوعي لحل أزمة الإسكان والتي اعتقد أول خطوة لها تطبيق المرحلة الثانية من رسوم الاراضي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال