الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
احتفل العالم في 22 من آذار (مارس) باليوم العالمي للمياه. هذه الأيام العالمية ليست إلا مناسبات توعوية تحاول تعزيز الاهتمام بمشاكل ملحة قد لا تكون ملاحظة، ولكنها من الأهمية بما يمكن أن تغير من تهديد معيشتنا في حال تحققها. أحد أهم هذه المشكلات أزمة المياه، وخصوصا في منطقة الخليج. فبحسب تقارير عديدة متداولة في الآونة الأخيرة، فإن دول الخليج من أكثر دول العالم عرضة للشح المائي، فهي اليوم تقف عند عتبة استنزاف ما يقارب 40 في المائة من إجمالي مصادر مياهها العذبة، فهي تستهلك ثلاثة أضعاف معدل إعادة إنتاج المياه الجوفية.
دول الخليج ليست وحدها في مواجهة هذا الخطر، فالأزمة عالمية المستوى، إلا أنها إحدى أكثر المناطق تهديدا. المشكلة تكمن في إسراف البشرية في نمط استهلاكها للمياه بشكل عام. فمعدلات الاستهلاك زادت بنحو ضعف معدل نمو سكان العالم على مدى القرن الماضي. يذهب نحو 70 في المائة من إجمالي استهلاك المياه إلى الزراعة وصناعة الغذاء، بينما تستهلك الصناعة وإنتاج الطاقة نحو 20 في المائة، والاستهلاك المباشر يشكل 10 في المائة فقط. كل ذلك يعود للتغير الحاصل في نمط معيشتنا، فزيادة أكلنا للحوم زادت من استهلاك المياه بشكل كبير. فمجرد تقليص كميات استهلاك اللحوم الحمراء واستبدالها بالكمية نفسها من لحوم الدواجن يمكن أن يقلص استهلاك المياه 40 مرة.
خطة التحول الوطني 2020 حملت كثيرا من أهداف التغيير في نمط تعاملنا مع المياه في أكثر من مبادرة، وليس فقط تحت مبادرات وزارة البيئة والمياه والزراعة. فعلى سبيل المثال، نجد أن الرسوم المفروضة على مرافقي الوافدين تعمل على تحصيل قيمة الخدمات التي تقدمها الدولة. ففي بيئة تفتقر إلى المياه، نحتاج إلى محطات تحلية ضخمة باستثمارات هائلة لتوفير المياه لعدد سكان يفوق قدرات الموارد الطبيعية المتوافرة في المنطقة. وبالتالي فإن تقليص تعداد السكان وإشراكهم في تكلفة الإنتاج سيسهمان في الحد من الاستنزاف. كذلك وضعت الخطة أهدافا صارمة لاستخدام المياه المتجددة في الزراعة، المستهلك الأكبر للمياه.
الاعتراف بحجم المشكلة هو أولى خطوات حلها، ونحن في حاجة إلى استراتيجية وطنية طموحة لضمان مستقبلنا المائي. هذه الاستراتيجية يمكنها أن تقلب مكامن الضعف إلى نقاط قوة يمكنها أن تدعم الاقتصاد. فالسعودية لديها 18 في المائة من إجمالي الطاقة العالمية لتحلية المياه، أي أن مؤسسات هذه الصناعة يمكنها أن تكون “أرامكو” ثانية على مستوى العالم، ولكنها في حاجة ماسة إلى تطوير عملياتها وتقنياتها والاستثمار في البحث والتطوير بما يتناسب مع حجم هذه الصناعة، اليوم ومستقبلا. فمع تفاقم أزمة الشح المائي حول العالم، ستعمل الدول والصناعات على التحول إلى خطوط إنتاج أقل استهلاكا للمياه وكذلك إيجاد مصادر بديلة للمياه العذبة. يمكننا أن نغتنم هذه الفرصة الآن عبر إيجاد كيان عملاق يعمل على إدارة جميع الموارد المائية للمملكة إنتاجا ونقلا وتطويرا بشكل يأخذ هذا الكيان إلى العالمية، فنصدر للعالم تجربة رائدة في إدارة المياه بمستوى فائق من المسؤولية.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال