الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نائب وزير الاقتصاد والتخطيط
يمكن تلخيص الشراكة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على مدي العقود الستة الماضية في مفهوم “أمن النفط”، ومع تراجع اسعار النفط على مدي الخمس سنوات الأخيرة، فقد أدركت المملكة العربية السعودية أن أمننا يعتمد على نموذج اقتصادي غير مستدام، وعليه فقد شرعنا في رحلة الأصلاح التي لارجعة عنها.
وخلال زيارته الأخيرة لواشنطن، والتي كان ابرزها تناول الغداء في البيت الأبيض برفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدم ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رسالة جديدة كزعيم سعودي. وكعادة السعوديين الذين يعتبرون حلفاء قويين للولايات المتحدة، وعد الأمير محمد بزيادة مشاركة السعودية في الحرب ضد الأرهاب. ولكن بصفته مهندس الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الشاملة في المملكة العربية السعودية، فقد روج ولي ولي العهد للمملكة العربية السعودية على أنها وجهة استثمارية للصناعات تتجاوز بكثير الوقود الأحفوري.
ولتعزيز الازدهار في حقبة ما بعد النفط وخلق فرص عمل جديدة لـ70% من المواطنين الذين تتراوح اعمارهم بين 30 عاما ومادون ذلك، فقد عملت المملكة العربية السعودية على تنويع الاقتصاد والخصخصة الجزئية، وكما اوضحت خُطَتي الأصلاح بعيدتي المدي – الرؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني، فقد قمنا بخصخصة العديد من الشركات المملوكة للدولة، وإدخال المنافسة الى القطاعات التي كانت محمية سابقا، وأوقفنا الدعم عن الأسر الغنية، وشجعنا المرأة على المشاركة في القوي العاملة.
فالاقتصاد الأسرع نموا والأكثر مرونة سيمكن المملكة العربية السعودية من القيام بدور أقوي في محاربة الأرهاب، ووقف القوى التوسعية مثل إيران، وفيما يتعلق بالشركات والمستثمرين الأمريكيين، فإن تنوع الاقتصاد السعودي وخصخصته توفر فرصة لا تسنح إلا مرة واحدة في كل جيل.
وحتى الآن، فقد ركزت وسائل الإعلام على خطط الخصخصة الجزئية لشركة النفط العملاقة “ارامكو”، لكن الأصلاحات تمتد الى كل قطاع من قطاعات الاقتصاد، وبحسب وجهة نظري، بصفتي مصرفي قد تحول الى صانع سياسات، فهنالك أربعة مبادرات قد برزت:
أولا: برنامج حساب المواطن يقوم بتعويض الأسر محدودة ومتوسطة الدخل، والأفراد عن فقدهم للدعم الحكومي لتكاليف المعيشة مثل المياه والوقود والكهرباء، والتي خفضت لتقليل العجز في الميزانية، وتستند الأهلية على الحاجة وتحدد كل شهر من قبل نظم حسابية معقدة تضم دخل وأعمار افراد الأسرة، والتكيف مع التضخم، وأن خمسة مليون سعودي على الأقل هم مستحقون للبرنامج، حيث يسجل العديد منهم عبر الأنترنت بما في ذلك الهواتف النقالة.
ثانيا: مركز وطني للإشراف على برنامج الخصخصة الذي يشرف على خصخصة 16 قطاعا حكوميا من خلال الطرح الأولي العام أو غيرها من المعاملات، وتقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار على مدى الأربعة أو الخمس سنوات المقبلة، بما في مؤسسات متنوعة مثل المطارات، والمرافق الكهربائية، ومطاحن الدقيق، والنوادي الرياضية. وستصبح الحكومة جهة تنظيمة وشريك للقطاع الخاص، في الوقت الذي سيعمل فيه أصحاب المشاريع الجدد على تنمية الاقتصاد وخلق فرص العمل.
وسيكون الشريك الرئيسي لهذه الشركات الجديدة هو صندوق الاستثمارات العامة الذي يمول مشاريع لتنويع الاقتصاد، والذي يعد من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، حيث يتزايد نشاطه داخليا وخارجيا، وكان الصندوق قد استثمر مؤخرا 3.5 مليار دولار في شركة النقل الأمريكية “أوبر تكنولوجيز”، ويستكشف مشاريع أخرى لخلق فرص عمل بالولايات المتحدة، الأمر الذي يوضح كيف يمكن للأصلاحات الاقتصادية السعودية أن تكون مقترحا مربحا لبلداننا جميعا.
ثالثا: يساعد المستثمرون والشركاء الدوليون في تطوير اقتصادنا، بما في ذلك الطاقة والكيماويات، والنقل، ومشاريع تحلية المياه، فعقب ان أطلقت أكبر سندات في الأسواق الناشئة في التاريخ، نحن نستعد حاليا لأصدار السندات الثانية.
وفي جولة آسيوية امتدت لشهر، وقع العاهل السعودي الملك سلمان 16 اتفاقية مع الشركات اليابانية، فضلا عن اتفاقيات استثمارية بقيمة 65 مليار دولار وقع عليها في اليوم الأول من زيارته للصين، ونحن نرحب بأنضمامم الشركات الأمريكية بما في ذلك بوينغ، جنرال إلكتريك، جنرال موتورز، مايكروسوفت، سيسكو وشركات الطاقة الرائدة التي لديها بالفعل شراكات قوية في بلادنا.
رابعا: نعمل مع المستثمرين الأجانب ورجال الأعمال المحليين لخلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي، من خلال تطوير صناعات جديدة، من السياحة والى الترفيه والتعدين والنقل الجماعي. في وجود أكثر من 1.5 مليون مسلم يحجون سنويا الى مكة وكثير منهم يأتون لزيارة المدينة المنورة، فالسعودية تعتبر جاذبة للسياحة. والأعمال المرتبطة بها بما في ذلك الخدمات اللوجستية والمطاعم.
وبالاضافة الى السياحة، فقد توسعت السعودية في قطاعات مثل الترفيه، حيث منحت حوالي 10 آلاف رخصة تجارية لأصحاب المشاريع السعوديين الشباب، في ذات الوقت تخطط شركة “سكس فلاجز” الترفيهية لافتتاح أول حديقة لها في بلادنا بحلول العام 2021 .
وفي اطار المشاريع الأخري لخلق فرص للعمل، تقوم الرياض وغيرها من المدن ببناء أنظمة مترو انفاق جديدة، وينضم تعدين الألمونيوم والذهب والفوسفات الى النفط والبتروكيماويات كصناعات استخلاص رئيسية.
يواجه صناع السياسات في واشنطن والشركات الأمريكية سؤالين أساسيين:
كيف يمكن كسب الحرب ضد الأرهاب؟ وكيفية تعزيز النمو الاقتصادي؟، وأن الاستثمار في الأصلاحات والفرص الاقتصادية السعودية يخدم كلا الهدفين من خلال تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تهدف الى القضاء على التطرف، وإقامة الشرق الأوسط المستقر والمزدهر.
نقلا عن فوربس
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال