الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تأبى قصّة شركة مجموعة المعجل أن تختفي من المشهد الاقتصادي السّعوديّ فكلّما ظنّنا القصّة قد وصلت للنّهاية نتفاجأ بابتداء فصل جديد يعيدها للسّاحة من جديد. لاأريد في مقالي هذا تكرار سرد قصّة الشّركة واكتفي بالإحالة إلى مقال الكاتب ابراهيم النّاصري (تاريخ 15 فبراير 2017 في صحيفة مال الاقتصاديّة بعنوان “رواية شركة اسمها المعجل”) الّذي استعرض فيه مسلسل الأحداث الدراميّة لهذا الكيان الاقتصادي الهام.
الحلقة الجديدة في القصّة أنّه في تاريخ الثّامن من شهر مارس الحالي انعقدت الجمعيّة العموميّة للشّركة و انتخب فيها أربعة أعضاء لمجلس الإدارة و الجميع ينتظر فرجا للشّركة ليكون البيان الأوّل للمجلس الجديد خطاب استقالة جماعيّة! خلال أسبوعين فقط من مباشرة المجلس لمهامّه.
التّصفية هي الخيار الّذي تتجّه له الشّركة ويتساءل الجميع: من المستفيد من التّصفية؟ هل سيستفيد المساهمون أو الدّائنون من خيار التّصفية؟
إنّ الخسائر المتراكمة التي تفاقمت بسبب التّأخّر في معالجة مشكلة الشّركة منذ بداية ظهورها للسّطح في 2012 م لم تبق لا للدّائنين ولا للمساهمين مايشجّعهم على تبنيّ خيار التّصفية. كما أنّ التّصفية مؤلمة جدّا من جوانب متعدّدة أوّلها أنّنا في الوقت الّذي نقول في رؤية 2030 أنّنا نسعى إلى مساندة شركاتنا للوصول للعالميّة نقف مكتوفي الأيدي و نرضى بسقوط كيان اقتصادي يزيد عمره عن خمسة عقود ليصبح أثرا بعد عين!!.
منذ سنوات ووزارة التّجارة تشجّع الكيانات العائليّة على التحوّل إلى شركات مساهمة مقفلة ثمّ مساهمة عامّة وكانت عائلة محمّد المعجل من أوائل الأسر الّتي استجابت لهذا التّوجّه الرّسمي الحكومي. لقد بنت شركة مجموعة المعجل خلال عقودها الخمسة خبرات وطنيّة لايستهان بها و سابقة الأعمال حافلة بالإنجازات من خلال تنفيذ أعمال و مشروعات رياديّة لشركة أرامكو و غيرها و خيار التّصفية بصورته التّقليليديّة يغفل كلّ هذه المكتسبات!!.
ذكر مجلس الإدارة المستقيل حديثا في معرض ذكر أسباب الاستقالة “و تخلّي المالك الرّئيسي عنها!”. إنّ أسرة المعجل الموقّرة إذ ينظر لها على أنّها أساس المشكلة يمكن أن ينظر لها أيضا على أنّها مفتاح الحلّ فمازالوا يمتلكون 50 بالمئة من أسهم الشّركة و مع ذلك ليس لهم أيّ دور في كلّ مايجري حاليّا!.
ويبقى السّؤال لماذا تخلّت أسرة المعجل عن الشّركة – حسب وصف البيان؟ وهل تستطيع أسرة المعجل في حال رجوعها للمشهد إنقاذ الشّركة من خيار التّصفية؟
إنّ مالم يذكره بيان الاستقال المقدّمة من المجلس الأخير أنّ أسرة المعجل محكوم عليها بدفع مبلغ مليار وستمائة مليون ريال!! والحكم صار وفق المنظومة القانونيّة ملزما فهل يتصوّر أنّ من كانت هذه حالته – و هو يرى أنّه طرف مظلوم في القضيّة – أن يكون لديه القدرة و الرّغبة في قيادة الشّركة و الأسرة والشّركة معا يمرّان بهذه الظّروف الصّعبة؟
من النّاحية القانونيّة لايوجد ارتباط بين الحكم الصّادر على أسرة المعجل و بين مشكلات الشّركة المتفاقمة؛ لكن من النّاحية العمليّة والنّظرة الواقعيّة و بنصّ بيان المجلس المستقيل فإنّ القضيّة القائمة بين الهيئة و أسرة المعجل أثّرت بشكل مباشر على أداء الشّركة لعدّة أسباب من ضمنها ابتعاد أسرة المعجل عن مجلس إدارتها ولايتصوّر أن تنجو الشّركة من خيار التّصفية دون إعادة النّظر إمّا في الحكم نفسه بتخفيفه أو في آليّة تطبيقه على الأقلّ.
إنّ العائق الرّئيس أمام أيّ مجلس إدارة للشّركة حاليا يكمن في أمرين؛ الأوّل: ضرورة تجميد أو تأجيل مطالبات الدّائنين؛ و الثّاني: الإفراج عن القيود المفروضة على الشّركة من تجميد لأرصدتها البنكيّة و إيقاف لخدماتها الحكوميّة و ماشابه ذلك.
تحتاج الشّركة بعد ذلك إلى أن تمكّن من فتح صفحة جديدة تمكّنها من استدعاء القيادات الفنيّة و الإداريّة التي افتقدت خدماتها بسبب التدهّور المستمرّ بحيث تبنى فرق العمل من جديد وتدعم بالإمكانات الماليّة و الفنيّة بالتّوازي مع تطبيق آليّات رقابيّة مناسبة. وحين تتمكّن الشّركة من إعادة تشكيل الفريق الإداري و الفنيّ تكون الأولويّة يتمّ العمل على تحصيل حقوق الشّركة لدى الغير وإعادة دراسة المطالبات الماليّة التي صدرت وفق أحكام غيابيّة بإلغاء بعضها وتخفيف البعض الآخر و في استئناف العمل في المشروعات المتعثّرة و ستقطاب عقود جديدة تسهم في نموّ إيرادات الشّركة وأرباحها بحيث يستعيد السّهم عافيته تدريجيّا.
هل وكيف يمكن تحقيق ذلك؟ من وجهة نظري أنّه إذا أمكنت التّسوية مع أسرة المعجل على تخفيف الحكم أو إحداث تغيير فيه مقابل أن يسهموا في ضخّ سيولة في الشّركة – مثلا – على شكل رفع رأس المال بحيث توجّه السّيولة الجديدة للأعمال الرّئيسيّة للمجموعة عند ذلك سيختلف المشهد و تتغيّر المعادلة.
ماذا عن الدّائنين؟ من الخير لهم أن تدبّ الحياة في الشّركة من جديد فعندها قد تتمكّن الشّركة من سداد بعض ماعليها و أن يحوّل باقي المديونيّات الحقيقيّة إلى أسهم في الشّركة.
قبل أن أختم مقالي هذا أؤكّد على أمرين أوّلهما أنّ شركة مجموعة المعجل اسثمار للوطن – و ليس لأسرة المعجل فحسب – لذلك ندافع عن استدامتها.
الأمر الثّاني من يعلّق الجرس؟ و من بيده تنفيذ المقترح في حال استحسانه؟ من وجهة نظري أنّه لايوجد جهة حكوميّة واحدة قادرة على ذلك وعليه أدعوا مجلس الشّؤون الاقتصاديّة الموقّر إلى إدراج موضوع شركة مجموعة المعجلّ في أقرب اجتماع و يناقش هذا المقترح و سواه من المقترحات التي من شأنها إنقاذ كيان اقتصادي وطني من الخسارة للوطن أن تتمّ تصفيته بطريقة لاتفيد أحدا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال