الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على افتراض صحة و دقة المعلومات المقدمة من هيئة العامة للإحصاء, فهذا السلوك العقاري غير معتاد, كما انه ليس طبيعي . فأي شيء يباع ويشترى متى ارتفعت عوائده ترتفع قيمه, ولكن ما يحدث في سوق العقار الآن عكس ذلك. قد يكون هذا مؤشر على ضعف السيولة في ايدي المطورين العقاريين بطبيعة الحال, ولكن حتى هذا غير طبيعي, خصوصا مع وجود جهات تمويل قادرة على سد احتياجات القطاع العقاري وغيره من القطاعات.
وقد يكون مؤشر على توقع انخفاض مستقبلي كبير في اسعار العقار جر اسعار الصفقات في 2016 الى ما دون اسعار الصفقات العقارية في 2015, ولكن حتى هذا غير طبيعي, خصوصا مع النمو الكبير جدا في عدد السكان (بلادنا من اعلى دول العالم في معدلات النمو). وقد يكون نتاج كثرة المعروض من الأراضي المطورة مع قلة الشراء بغرض البناء ريثما تتضح رؤية المطورين في كيفية تبني المساكن والمشاريع العقارية بما يتوافق مع الاصلاحات الاقتصادية وخصوصا رفع الدعم عن الطاقة. وربما يكون الأمر و بكل بساطة خلل في آلية استقصاء المعلومات والوصول الى نتائج من الهيئة العامة للإحصاء.
على العموم كافة الدلائل اعلاه تشير الى وضع شاذ (اقتصاديا), وتكون مثل هذا السلوك المتناقض بين قيم العقار وعوائده يجب ان تقرأ كشرارة قد تؤدي الى حريق, واستمراره لفتره متوسطة أو طويلة سيخلق أزمة عقارية لا محالة, ومعالجة هذا الوضع ودراسة اسبابه بإسهاب وتقديم كل ما من شأنه ايقاف التناقض في اتجاه قيم العقار و قيم عوائده (الايجارات) ضرورة من قبل وزارة الاسكان.
كما ان على الهيئة العامة للإحصاءات مراجعة آلية استنباط المعلومة, وهذا سهل, ومتى تأكدت (بعد المراجعة من جهة مستقلة) عليها التأكيد على ذلك واعلانه. أي وضع غير منطقي في السوق العقارية سيخلق حالة من عزوف الاستثمار مما سيؤدي الى ظهور مؤشرات احتكارية على المديين المتوسط والبعيد وفي اسوأ الحالات قد يؤدي الى أزمة اسكان متكاملة الأركان, وحل الأزمة متى حدث ذلك (لا سمح الله) سيكون اصعب بمراحل من معالجة بداية تكوين أي وضع شاذ.
وزارة الاسكان معنية بشكل مباشر بمثل هذه المؤشرات, ولا شك ان وجود الوزارة من الأساس هو لمنع أي حالة غير طبيعية قد تنشأ تحت أي ظرف. ومن غير المقبول تحت أي مسوغ أو مبرر الصمت حيال مثل هذه المؤشرات الخطيرة والتي تنعكس سلبياتها على الاقتصاد ككل وعلى الحالة الاجتماعية برمتها. وليس من القسوة ابدا القول ان كل جهود وزارة الاسكان تذهب ادراج الرياح عندما تؤدي الى حالة من التناقض في القطاع العقاري لا يوجد في أي مكان في العالم برمته. التأني مطلب ولكن هذا لا يعني تجاهل الخطط القصيرة الأمد ولا يعني اخماد الدخان قبل تكوين الحقائق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال