الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الحقيقة سعدت بمشاركتي في المؤتمر السعودي الثالث للاستثمار والاوراق المالية بخصوص تقديم ورقة عمل عن / ثقافة الادخار في المملكة بتاريخ 22 مارس 2017 ، ولأن مناقشة مثل هذه المواضيع خاصة في الفترة الحالية مع الاصلاحات الاقتصادية يعتبرا صحيا ومفيدا لتحقيق رؤية 2030 الخاصة برفع نسبة ادخار الأسر من إجمالي الدخل من 6% الى 10% ، لذا أستطرد في حديثي عن رؤيتي عن أين من المفترض أن يكون عليه مستقبل الادخار في المملكة ؟ وهذا يعني بكلمات أخرى ما هي الجوانب التي يجب أن نضعها في الاعتبار الآن لتحقيق أهداف هذه الرؤية الطموحة وذلك على النحو التالي :
*توازن في سلوك المستهلك : فعندما تتحدث عن الادخار فأنت تتحدث عن النتيجة وليس السبب ، وإصلاح سلوك المستهلك أولا هو الذي يمهد للادخار ويحمي ثروات المواطن من الهدر. وما دام أن الأفراد يشترون ما لا يريدون (التبذير) أو يشترون أكثر مما يحتاجون (الاسراف) بدون قوانين رادعة لرمي الأطعمة فلن يتحسن هذا السلوك . وما دام أن بعض الأفراد ينفقون مبالغ طائلة في السفر والسياحة (72 مليون ريال) بدون الادخار من أجل تملك الاصول الضرورية قبل ذلك مثل الادخار من أجل السكن ، فستبقى هذه المشكلة متجذرة بلا انقطاع وستستفيد البنوك من هذا الخلل في الانفاق الاستهلاكي غير مبرر وبالتالي ستبقى هذه الفئة في دوامة ليس لها قرار علما بأن القروض الاستهلاكية مع بطاقات الائتمان لدى البنوك (ما عدا التمويل العقاري والتأجيري والقرض مقابل الأسهم وقروض ترميم وتحسين العقار وقروض التعليم والرعاية الصحية) قد وصلت الى 322 مليار ريال سعودي حسب النشرة الاحصائية الشهرية عن طريق مؤسسة النقد في يناير 2017 (لبيانات الربع الرابع 2016) وبزيادة قدرها 8% عن الربع الرابع 2015 . إذا توازن سلوك المستهلك يأتي من مشاركة كل الجهات والوزارات المعنية وليس منحصرا فقط على بنك التنمية الاجتماعية (أو بنك الادخار والتسليف سابقا) ، فمثلا وزارة التعليم يجب أن يكون لها دور حيوي في هذا الموضوع متمثلة برؤية واضحة بمنهج تعليمي يخص النواحي المالية شاملة لمهارات الادخار والتعامل مع المال لجميع المراحل الدراسية . وقد تشارك بتشجيع برامج ادخار للطلاب تتولاها مؤسسة النقد أو هيئة السوق المالية بحيث يتمكن أولياء الأمور من دفع الرسوم السنوية بالنسبة لمدارس أو جامعات التعليم الخاص .
*البرامج الادخارية المتطابقة مع الشريعة الاسلامية : لا يكفي أن نقول للمواطن الذي يبحث عن الادخار بشكل منتظم شهريا ونبحث عن قنوات لتوجيه ثروات المواطن بطريقة صحيحة ، ضع أموالك في سهم ما أو صندوق دون وضع مقترحات سنوية مبنية على دراسات مالية من جهات مستقلة أو من استشاري التخطيط المالي المستقلين بعيدا عن تضارب المصالح الذي قد تقع فيه البنوك أو الشركات المالية أو التامين ، صحيح أن البرامج الادخارية بعيدة الأجل ولكن لا مانع من تصحيح بعض اختيارات المدخرين في شركات خاسرة أو ضعيفة الجدوى من ناحية النمو وتوزيعات الأرباح .
*عدم اقتصار منظومة الادخار فقط على النظام المالي : بعد مراجعة مستفيضة حول قنوات الادخار عالميا أو على مستوى الاقتصاد المحلي الذي يمر بالعديد من التغيرات الهيكلية ، أجد أن هناك فجوة بين ضيق قنوات الادخار بين الاسهم والعقار وما تمر به حاليا من تحديات تذبذب العوائد السنوية مع مخاطر التضخم خاصة مع سياسة رفع دعم الطاقة تدريجيا لتصل للأسعار العالمية حتى 2020 ، وبين حاجة المدخرين لقنوات أخرى ربحية في الاقتصاد الحقيقي عن طريق المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين يخشون أن يقوموا بهذه التجربة شخصيا نظرا لعدم الخبرة أو عدم وجود مهارة لإدارة مخاطر هذا النوع من الاستثمارات. صحيح أن لدينا صناديق استثمار بأصول تصل إلى 87 مليار ريال منها 74% متوافقة مع الشريعة الاسلامية أو 203 صندوق إلا أن ذلك لا يكفي إضافة الى الأسواق الرأسمالية . والحل الذي قدمته أثناء مشاركتي بورقة العمل في المؤتمر السعودي للاستثمار والأوراق المالية المذكور آنفا هو فتح باب التمويل الجماعي كقناة ادخارية أو ما يسمى ب Crowd funding شريطة أن يتبنى تنقيح المشاريع الجيدة ذات الجدوى الاقتصادية كل من بنك التنمية الاجتماعية من جهة والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من جهة أخرى والتي وضعت أحد استراتيجياتها وهو فتح آفاق التمويل الذي يعتبر أحد ركائز تحدياتها ، بذلك سيتم الربط بين حاجة المواطنين لقناة ادخارية جديدة وبين حاجة أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة للتمويل ، وستحقق بعض أهداف رؤية 2030 في هذه القناة الادخارية من وجهة نظر الادخار ونمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة . ويرجى الملاحظة في حالة تبني هذا المقترح أن يوضع له سياسات مدروسة ممثلة في الحد الأعلى في الادخار والجوانب الفنية التي تضمن ملكية المدخر في هذا النوع من الاستثمارات واحقيته للأرباح وتخفيض المخاطر عليه مع هذا النوع من التمويل الجماعي .
بذلك أختم حديثي علما أن الموضوع مترامي الأطراف ويحتاج لتخصيص مواضيع أخرى أكثر تفصيلية في مقالات أخرى بإذن الله .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال