أساسيات دراسة الجدوى وأهميتها

تزايدت أخيرا شعبية ريادة الأعمال كمنهج وأسلوب اقتصادي، يهدف إلى دعم الشباب لتأسيس مشاريع وأعمال تجارية. فالحركة الناتجة عن ريادة الأعمال ستعمل على تأسيس قاعدة واعدة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي إيجاد المزيد من الفرص الوظيفية وزيادة حجم الاقتصاد. ولكن رواج هذه الأفكار قد يدفع الشباب إلى دخول عالم ريادة الأعمال دون تخطيط ما يعرضهم لمستوى عال من مستوى المخاطر، خصوصا في فترات تراجع المؤشرات الاقتصادية الرئيسة. ولذلك فمن الأهمية أن يعتمد رائد الأعمال على خطة عمل واضحة، وكذلك دراسة لجدوى المشروع. 

دراسة الجدوى تقوم بتحليل المشاريع الجديدة، سواء كان النشاط في مرحلة التأسيس أو حتى إن كان قائما، فلو رغب صاحب مطعم في التوسع إلى مجال عربات الطعام، فمن الضروري أن يتعامل مع المجال الجديد كمشروع مستقل تتم دراسته على حدة. الدراسة تهدف إلى معرفة إمكانية تطبيق الفكرة ونموذج العمل التجاري. فكل فكرة جديدة تكون جذابة في البداية، ولكن الجاذبية وحدها غير كافية لتحقيق ربح مستمر مجز. الأمر الذي تعمل دراسة الجدوى على تحليل جوانبه بشكل شامل. طريقة عمل دراسة الجدوى يكمن في توفير إجابات ومعلومات ضرورية تحدد جوانب متعددة للمشروع. بداية يجب تحديد ماهية المنتج أو الخدمة التي سيقدمها المشروع. فيتم تحديد ما يميز الفكرة وكذلك مدى قابليتها للتوسع والانتشار مستقبلا. الخطوة التالية تكون في تعريف الشريحة المستهدفة، فالمعرفة التامة بالزبائن هي المفتاح إلى دراسة السوق ومنحنيات الطلب على السلعة وكذلك وسائل وأساليب التسويق التي سيتم اعتمادها. 

ثم يجب تعريف الإطار القانوني العريض للمشروع من حيث التراخيص اللازمة لبدء النشاط واستمرارية العمل، وكذلك صيغة التعاقد مع مختلف الأطراف بدءا من الموردين وانتهاء بالزبائن. يلي ذلك دراسة الجوانب التشغيلية والتقنية للمشروع التي تعنى بكيفية إدارة موارد وأصول النشاط المختلفة. أسلوب الإدارة المتبع هو ما يحدد ثقافة الشركة أو النشاط، وهو أحد العوامل المهمة في صياغة هوية المشروع. الجوانب التقنية تفصل خط سير عملية إنتاج أو تقديم الخدمة وكل ما يرتبط بها من تسجيل وتقييم وتنفيذ، بما فيها النظام المالي والمحاسبي. 

بعد التأكد من كل الجوانب التأسيسية للمشروع وقابلية تطبيقه، يأتي دور الدراسة المالية التي تحدد تكاليف المشروع التأسيسية والثابتة والمتغيرة. ومن ثم تحدد الموارد اللازم استثمارها في المشروع والعائد المتوقع على الاستثمار، وبالتالي يمكن تحديد الكمية الملائمة للإنتاج لتحقيق العائد المطلوب على أهم موارد رائد الأعمال وهو وقته. وبعد مواءمة مستويات الإنتاج مع موارد المشروع، تعمل الدراسة المالية على توفير معلومات حول نموذج العمل المالي للمشروع بتحليل قوائمه المالية وكذلك حساسية المشروع للزمن والبيئة المحيطة من منافسة ومتغيرات السوق. بعد إثبات جدوى المشروع يجب وضع استراتيجية عامة للنشاط، وهو ما لا يمكن قياسه بالأرقام فقط، ولذلك عادة ما تتضمن دراسات الجدوى تحليلات نوعية مثل تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات، وكذلك تحليل بورتر لقوى السوق. ولكن تختلف الاستراتيجيات عن دراسات الجدوى في أنها تستمر في شرح حالة النشاط وعلاقته بالبيئة المحيطة، فتوضح بذلك كيفية ضبط أداء النشاط بعد مرحلة التأسيس.

نقلا عن الاقتصادية