الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعد التحكيم من أقدم الوسائل في فض المنازعات التجارية، وتبرز أهميته بكونه وسيلة سهلة وفعالة لحل المنازعات التجارية بدلاً من اللجوء إلى القضاء نظراً لبطء إجراءات التقاضي، وما تستغرقه من وقت طويل، وما تتطلب من جهد ومتابعة. بالإضافة لكون التحكيم يوفر حماية قانونية وحل سريع للنزاعات. فالتحكيم نظام قضائي من درجة واحدة، والمحكم أكثر تفرغاً من القاضي للنظر في موضوع النزاع حيث أن القاضي تعرض عليها قضايا كثيرة ومتنوعة في وقت واحد.
حرصت المملكة على تطوير المنظومة القضائية والأنظمة القانونية لمواكبة التطور القانوني الدولي، فأصدرت أول نظام متعلق بالتحكيم عام 1403 هـ، وأصدرت نظام التحكيم الجديد عام 1433 هـ، والذي حل محل النظام القديم، وأتاح لكل من لديه نزاع تجاري الاستعانة بالنظام الجديد دون الحاجة للجوء للمراكز التحكيمية الأخرى بغض النظر عن جنسية أطراف النزاع.
تسري أحكام نظام التحكيم على أي نزاع بغض النظر عن طبيعة العلاقة النظامية سواء جرى التحكيم في المملكة أو كان تحكيماً تجارياً دولياً خارج المملكة شريطة أن يتفق طرفا النزاع على إخضاعه لأحكام نظام التحكيم السعودي، ويستثنى من ذلك المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والمسائل التي لا يجوز فيها الصلح.
يجب على طرفي النزاع إذا رغبا بإحالة النزاع الذي قد ينشأ بينهما مستقبلاً إلى نظام التحكيم أن يكون بينهما اتفاق إما بشكل شرط تحكيم وارد في العقد المبرم أو مشارطة تحكيم مستقلة تصاغ في محرر كتابي ليس في نفس العقد تنص على إحالة أي نزاع بين طرفي العقد إلى نظام التحكيم. كما يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً والا كان باطلاً. كما أن بطلان العقد الذي يتضمن شرط التحكيم لا يعني بطلان شرط التحكيم الوارد في العقد ويعد صحيحاً بذاته.
جدير ذكره أن التحكيم قد يكون محلي أو دولي حسب القضايا والاتفاقيات المبرمة، فيكون التحكيم دولياً إذا كان موضوع النزاع يتعلق بالتجارة الدولية، والعبرة بموقع مركز الأعمال لطرفي النزاع. ويتم التمييز بين التحكيم الدولي والمحلي وفق معيارين لا ثالث لهما: الأول هو المعيار الجغرافي المتعلق بمكان التحكيم، والثاني هو المعيار الاقتصادي المتعلق بموضوع النزاع. ويأخذ نظام التحكيم السعودي بمعيار مختلط يجمع كلا المعيارين السابق ذكرهما.
يجب أن تتكون هيئة التحكيم من عدد فردي، ويشترط في المحكم أن يكون كامل الأهلية، حسن السيرة والسلوك، وأن يكون حاصلاً على الأقل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية، وإذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من محكم فيكفي توافر هذا الشرط في رئيسها. فلم يشترط نظام التحكيم الجديد الذكورة في المحكم مما أتاح للنساء المؤهلات ممارسة التحكيم. كما لم يشترط أن يكون المحكم مسلماً شرط عدم مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية، ولم يشترط جنسية معينة.
تم إنشاء المركز السعودي للتحكيم التجاري عام 2014م بقرار من مجلس الوزراء، ومقره الرئيسي في مدينة الرياض، ويعنى بالإشراف على إجراءات التحكيم في المنازعات التجارية والمدنية التي يتفق أطرافها على حلها من خلال المركز، ولا يدخل ضمن اختصاصه المنازعات المتعلقة بقضايا الأحوال الشخصية والجزائية، وما لا يجوز الصلح فيه. كما يهدف المركز إلى إنشاء بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار المحلي الأجنبي.
نظراً للتطور الاقتصادي السريع والنمو التجاري الملحوظ الذي تشهده المملكة، وتزايد عدد الاتفاقيات التجارية الدولية المبرمة على مستوى الدول والأفراد بهدف تنويع مصادر دخل الدولة، وزيادة قيمة الإيرادات الغير نفطية، يجب على المركز السعودي للتحكيم التجاري القيام بدور أكبر في مجال التوعية بأهمية التحكيم التجاري كوسيلة فعالة لحل المنازعات التجارية في المجتمع المحلي ، وذلك من خلال اعداد برامج تدريب وتأهيل للمحكمين السعوديين والسعوديات، وتنظيم ندوات تثقفية في مراكز الأعمال، وفي مقار الغرف التجارية والصناعية، والشركات التجارية، والمؤسسات القانونية مما سيساهم في تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتطوير الكوادر الوطنية، وتخفيف الضغط على المحاكم. فالتحكيم التجاري يعد النموذج الأفضل والحل الأسرع لفض المنازعات التجارية، وانتقل في المملكة إلى المرحلة المؤسسة النظامية بعد إنشاء المركز مما يتطلب تكثيف الجهود للتعريف بأهميته.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال