رسوم الأراضي “المرحلة الأولى” وماذا بعد؟

نظام رسوم الأراضي البيضاء بمراحلها الأربع بينها ترابط وتكامل ولا يصح فصلها عن بعض وتشكل في مجملها آلية تحقق 3 أهداف أساسية بنص النظام:
1- زيادة المعروض من الأراضي المطورة بما يحقق التوازن بين العرض والطلب
2- توفير الأراضي السكنية بأسعار مناسبة، إضافة إلى حماية المنافسة العادلة
3- مكافحة الممارسات الاحتكارية السارية

وبالنظر لمراحل تطبيق الرسوم (بتفسير وزارة الإسكان) نجد الأولى تهدف لتحويل الأراضي الخام من أراضي ميتة لأراضي مطورة جاهزة للبناء، والمراحل اللاحقة مكملة حيث تهدف لحفز العرض من الأراضي المطورة داخل المخططات بهدف احيائها وتحويلها الى منتجات سكنية.

بالنظر لأزمة الإسكان المتشكلة خلال 10 سنوات مضت نجد أن جل الأزمة تركزت في تضخم سعر الأرض بمتوسط يقارب 500%، لذا فما يهم المشرع والاقتصاد التنموي عموماً هو الهدف الأخير بضخ وتحرير أراضي مطورة تخفض الأسعار وتخلق بيئة تنموية مستدامة قابلة لانتاج المساكن تخدم جميع أطراف المعادلة (قطاع مالي، مطور، وطالب سكن).

وكون الرسوم أهميتها تكمن في مراكز الأزمة سنأخذ العاصمة الرياض كمثال لاكتمال مرحلتها الأولى  وذلك بدراسة المعطيات على الواقع لفهم أثر الرسوم ومدى تحقيقها للأهداف الأساسية في النظام.
في مدينة الرياض “المرحلة الأولى” اعلن عن تسجيل أراضي خام بمساحة اجمالية تقارب 270 مليون م2 وصدرت فوترة باستحقاقات رسوم واجبة الدفع كمرحلة أولى لما يقارب 128 مليون م2، فبالنظر لتلك المعطيات وفي حال إكتمال تطوير وتخطيط مجمل تلك المساحات المعطلة فالمتوقع (إذا استبعدنا اعتراض وقبول 10% منها وما تنتج من أراضي تجارية مستثناة من الرسوم) نجدها ستضخ مالا يقل عن 250 ألف أرض مطورة قابلة للبناء والسكن تنطبق عليها الرسوم في المراحل اللاحقة في حال تحققت الشروط بحسب النظام.

ما يلفت الانتباه وما يجب أخذه في الاعتبار عند دراسة أثر المرحلة الثانية كأهم المراحل في النظام ما أعلن في الاجتماع الثالث للهيئة العليا لتطوير الرياض عند استعراض نتائج دراسة استعمالات الأراضي وما كشفت عنه من توافر عدد هائل من الأراضي المعطلة داخل المخططات المطورة حيث ذكرت الدراسة عن أن المساحة العمرانية “المُطورة” لمدينة الرياض تحوي “940 ألف قطعة، 52% منها قطع مطوّرة (يقصد عمرانياً)  و48% عبارة عن قطع أراضي بيضاء، من بينها 337 ألف قطعة أرض بيضاء تقل مساحتها عن 1000 م2.”

الدراسة وبشكل رسمي أكدت نقطة هامة جداً وهو أن المرحلة الأولى (مع مالها من أهمية) يجب تتبعها الثانية وبشكل عاجل حيث أثبتت الدراسة أن الجزء الأكبر من الأزمة يتركز في تعطيل ما يقارب نصف مساحة الرياض المخططة والمطورة وليس الخام فقط وفيما لو انجزت المرحلة الاولى ونتج عنها تطوير تلك الأراضي الخام فهذا يعني ضخ مالا يقل عن 250 ألف أرض سكنية مطور (وباستبعاد 10% قد لا تنطبق عليها الرسوم من الـ330 ألف قطعة أرض) واضافتها لما قد تنتجه المرحلة الاولى سنجد أنفسنا أمام ما يقارب 550 ألف قطعة أرض معطلة داخل مخططات مطورة.

تلك الأراضي لا يصح تجاهلها في حلحلة الأزمة ومعالجتها بالإنتقال الفوري للمرحلة الثانية فالتباطؤ في ذلك قد يوصل القطاع العقاري لنقطة يصعب معالجتها فيما يخص سلامة المجتمع والاقتصاد عموماً فحلول الأزمة تستدعي تطبيق الرسوم بما يخدم التنمية المستدامة بطريقة سلسة ومتوازنة ومتصلة بمراحلها الأربع دون توقف، فذلك الكم الهائل من الأراضي المطورة يحمل مساحة صافية مطورة قابلة للبناء لا تقل عن 275 مليون م2 تحبس انتاج مالا يقل عن 900 ألف مسكن بمعدل 300م2 لكل وحدة والمؤكد جلها في يد هوامير وكبار المضاربين وهو ما يجب معالجته بحسب نص النظام والذي لن يتحقق مالم يتم تطبق مراحلة الرسوم بشكل مترابط دون تأخير.