الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اهتمت المملكة في إنشاء المدن الصناعية المتخصصة منذ مطلع الثمانينات الميلادية من القرن الماضي؛ حيث شكلت القاعدة الرئيسة لقيام صناعات متطورة وفي مقدمها صناعة البتروكيماويات. وبرغم تخصص تلك المدن؛ ودخولها ضمن تصنيف المجمعات الصناعية؛ إلا أنها نجحت في خلق تنمية شمولية في القطاعات الخدمية الأخرى؛ وفي مقدمها التنمية السكانية؛ التعليمية؛ الثقافية؛ الصحية والترفيهية؛ حتى باتت من أجمل المدن الجاذبة للسكان والزائرين والمستثمرين.
لم يُستثمر نجاح مشروع المدن المتخصصة في الجبيل وينبع الصناعيتين؛ لإنشاء مدن متخصصة في قطاعات اقتصادية أخرى؛ كالسياحة والترفيه؛ على سبيل المثال لا الحصر؛ لتوفير بيئة حاضنة للصناعة السياحية بأفرعها المتعددة.
يبدو أن رؤية المملكة 2030 فرضت واقعا جديدا مؤطرا بأهداف استراتيجية واجبة التنفيذ؛ ومنها الأهداف الاستثمارية والتنموية والترفيهية التي يمكن تحقيق جزء منها من خلال المدن المتخصصة القادرة على جذب الاستثمارات المالية؛ وتحويل المناطق المستهدفة إلى بيئة حاضنة لمجموعة من الخدمات المتجانسة الملبية لحاجات المواطنين؛ والقادرة على خلق مزيد من الفرص الإستثمارية والوظيفية؛ وزيادة عدد الوجهات السياحية النوعية.
يكتشف المتأمل لحال بعض الدول المحيطة؛ أن الاستثمار السياحي هو من يقود التنمية الاقتصادية فيها؛ ويحقق؛ في الوقت عينه؛ التنمية الشاملة التي ترتقي بمعيشة الإنسان وبيئته الحاضنة.
التركيز على مساحات عذراء محددة؛ ووضع تصور متكامل لتنميتها وفق أسس ومعايير منضبطة متوافقة مع الإحتياجات ومتطلبات العصر؛ هو الطريق الأمثل لتحقيق الأهداف الطموحة في فترات زمنية قصيرة؛ وفق أسلوب إستثماري يعتمد المشاركة بين القطاعين العام والخاص.
يشكل إطلاق مشروع المدينة السياحية المتخصصة؛ و الحاضنة للمناشط الثقافية والرياضية والإسكانية والترفيهية النوعية في المملكة، بمنطقة (القِدِيّة) و بمساحة تبلغ 334 كيلو مترا مربعا؛ بداية مرحلة جديدة من الإستثمارات النوعية؛ المتوافقة مع المتغيرات والإحتياجات الآنية للشباب؛ وصناعة السياحة والترفيه التي باتت تعتمد آليات غير تقليدية لضمان المنافسة وإستقطاب الزائرين والمستثمرين؛ والمساهمة في خلق تنمية شاملة للمناطق المستهدفة؛ وفق رؤية التجمعات المتكاملة للأنشطة الجاذبة للزوار.
دخول صندوق الاستثمارات العامة كمستثمر رئيس في المشروع ربما ساعد في تنفيذ مراحله الأساسية التي يمكن أن تتحول إلى أدوات جذب؛ ومصدر ثقة للمستثمرين الباحثين عن الفرص الاستثمارية النوعية؛ هذا بخلاف ما سيحققه الصندوق من أهداف مزدوجة في الاستثمار والتنمية المحلية. تجهيز البنى التحتية؛ وإنشاء محور التنمية السياحية في “القدية” سيسهم لا محالة في جذب استثمارات متنوعة والتوسع في المشروعات الكبرى التي ستحدث تغييرا جوهريا في صناعة المدن السيحية والترفيهية المتخصصة في المملكة.
إنشاء مدينة سياحية ترفيهية شاملة المناشط كانت أمنية، فأصبحت قريبة المنال بإذن الله، وكل ما أتمناه أن تبنى هذه المدينة وفق رؤية عصرية؛ مؤطرة بمخطط شامل للمنطقة لا يسمح بالإجتهادات المستقبلية؛ بل يفرض على الجميع الإلتزام بمحتواه الدقيق كما هو حال مدينة الجبيل الصناعية التي وضعت مخططاتها الشاملة العام 1977 م وما زال الجميع يلتزم بها في مراحل التوسع المستقبلية، وهذا ما يفسر رقي المدينة وجمالها وتوافقها مع الإحتياجات المتجددة مقارنة بالمدن الأخرى.
يفترض أن تكون مدينة “القدية” مرحلة الإنطلاقة الحقيقية في قطاع السياحة والترفيه؛ على أمل أن تتبعها مراحل أخرى للمدن المتخصصة في الغربية والشرقية والمناطق الأخرى بإذن الله. مع الأخذ في الإعتبار المساحات المتوافقة مع الحاجة. مشروع العقير من المشروعات السياحية المهمة في المنطقة الشرقية؛ وبرغم رصد أموال المستثمرين وتشكيل الشركة والحصول على الموافقات النهائية؛ إلا أن المشروع ما زال متوقفا ما يستوجب دفعه إلى الأمام ليكون جزء من منظومة السياحة والترفيه في المملكة.
أختم بالأمنية الثانية التي أرجو الله أن تتحقق؛ والمتمثلة في إنشاء الجزر السياحية التي يمكن أن تكون من أهم روافد السياحة والإستثمار النوعي. فالمملكة قادرة على تحويل بعض الجزر في البحر الأحمر والخليج العربي إلى أجمل الجزر السياحية التي تجمع بين الترفيه والإستثمار والتنمية؛ وأحسب أن رؤية المملكة 2030 اهتمت بهذا الجانب؛ فأصبح تطوير الجزر السياحية جزء من أهدافها الرئيسة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال