الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من المعروف أن اقتصاد المملكة يواجه تحديات كبيرة في مجال النفط والطاقة لعل أكبرها هو حجمالاستهلاك المحلي من الطاقة والذي يتزايد بشكل مطرد مقارنة مع حجم انتاجه وتصديره، فحسب اخر تقرير لأرامكو 2015م فإن المملكة تنتج حوالي 10 مليون برميل يومياً وتستهلك منها حوالي 3 مليون برميل، وهذا معدل ضخم جداً حسب المقاييس العالمية يفوق ماتستهلكة اقتصادات كبيرة عالمية كألمانيا واليابان والبرازيل وغيرها، مما شكل عبء ثقيل على الدولة دفعها أساساً لتبني اصلاحات اقتصادية كقرار رفع الدعم “الإصلاح” عن أسعار الطاقة والمياه.
وجاء حساب المواطن والذي سيطبق مطلع يونيو المقبل، كنوع من الحماية الاجتماعية وتخفيف الأعباء المالية الناتجة عن تلك القرارات، يقوم على تقديم تعويضات نقدية للأسر السعودية بحسب الفئة الخمسية المقررة حسب معياري مجموع الدخل الكلي وعدد أفراد الأسرة، وبناءاً عليه قد تصل نسبة الدعم لـ 100% لفئة الخمس الأول، إلا أنه في واقع الأمر يعد حساب العبء الحقيقي الذي يتحمله رب الأسرة أو الفرد المستقل أو أي شخص مستفيد من هذه المنصة،وكذلك المنفعة الحقيقية من الدعم معادلة صعبة.
أولاً حساب المواطن قد لايغطي فعلاً 100% العبء الذي يتحمله رب الأسرة، حيث أن المعادلة أو الآلية التي لم يتم ذكر تفاصيلها إلى الآن اعتبرت أن عدد أفراد الأسرة وجميع مايدخل في حساب رب الأسرة هو المعيار الأساسي في التقييم وتحديد الفئات الخمس المستحقة للدعم، بينما لابد أن يتم أخذالدخل الحقيقي أو صافي الدخل الذي تتحصل عليه الأسرة بخصم ماتدفعه من التزامات أساسية،كقروض السكن والصحة، إيجارات، تأمينات اجتماعية ونصيب استهلاك كل فرد في الاسرة، فضلاً عن نوع المركبة والأميال التي تقطعها ومساحة الوحدة السكنية وكل مايؤثر فعلاً في حجم استهلاك الطاقة والمياه، حتى يتضح فعلاً حجم العبء الذي يتحمله رب الأسرة، وليصبح معيار التقييم أكثر دقة وشفافية.
والمثير للتساؤل أن حساب المواطن يأخذ في الاعتبار جميع الرواتب متضمنة البدلات السنوية ويتم الدعم على أساسها، بينما في واقع الأمر فإن هناك بعض الشهور من السنة التي يتم فيها استقطاع بعض البدلات من الموظفين، مثلاً استقطاع بدل المواصلات للمعلمات في الإجازات السنوية، فكيف إذن ستتم الحسبة على هذا الأساس!
ثانياً في حال تم تغطية العبء 100% والذي لا أعتقد أنه سيتحقق، فإن هذا سيحقق منفعة كلية للأسرة فقط، ولكن لن يؤدي إلى إنجاح وتحقيق أحد أهم الأهداف الثلاث التي ارتكز عليها حساب المواطن، وهو هدف ترشيد الاستهلاك لمنتجات الطاقة والمياه، فحجم ماتستهلكة الأسرة يعادل تماماً حجم ماتتلقاه من دعم.
وبالتالي فإن حساب المواطن لا يكفي لتغطية العبء الحقيقي الذي ستتحمله الأسرة ولن يكفي كأداة لترشيد الاستهلاك وتخفيف العبء على الدولة، فلابد في المقابل من تبني اجراءات محورية في هذا الصدد، كتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية المتعلقة والاستفادة الحقيقية من تميز المملكة بهذه الثروة النظيفة والمتجددة، وتطوير طرق الحصول على مصادر الطاقة المكملة الاخرى والتي تساعد في توليد طاقة الكهرباء، والتعجيل في بناء وتشغيل محطات النقل العامة، والاعتماد على السيارات الذكية التي لاتستهلك كميات عالية من الوقود، والاستثمار فيما يعرف بالسيارات الصديقة للبيئة، حيث أن صناعة السيارات هي الكيان الأساسي في المنظومة الحضرية والتي تؤثر بشكل قوي على توجهات الطاقة في الوقت الحالي وفي المستقبل.
يجدر بالذكر أن سرعة اتخاذ القرارات الملحوظ مؤخراً وتنفيذ الخطط وفق الجدول الزمني المحدد تعطي إشارة قوية على تحسن كبير في اقتصاد المملكة وتحولة تدريجياً من اقتصاد غني إلى اقتصاد غني ومستقل، ونظرة تفاؤلية على مستقبل المملكة وثقة أكبر في أصحاب القرار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال