الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ إعلان القرارات الملكية قبل أسبوع والشارع العام في حالة من التفاؤل والإيجابية، خصوصاً فيما يتعلق بقرار إعادة صرف البدلات والمزايا المالية، وهذا شيء مُحبذ بالطبع لاسيما وأنها جاءت بوقت غير متوقع وفي مدة زمنية لم تتجاوز السبع أشهر منذ تاريخ إلغاء صرفها في 26 سبتمبر الماضي، لكن من ناحية اخرى يتعين على المواطن وأي فرد في المنظومة الإدراك الكامل والفهم العميق لأسباب ومسببات وأهداف أي قرار حكومي قبل اتخاذ أي رد فعل، لأنه كلما كان الفرد أكثر دراية كلما حد ذلك من التأثير السلبي والمقاومة، وأصبح أكثر تفهماً وتقبلاً للتدابير.
أولاً يجدر بالذكر عند الحديث عن قرار إعادة صرف البدلات، فهم أولا أن قرار إلغاؤه أساساً كان قراراً حكيماً لا خلاف فيه، فلا يخفى على الكثير صعوبة الوضع الاقتصادي بشكل عام، مما تعين على الحكومة اتخاذ موقف أكثر حزما. ولأن الفرد جزء لايتجزأ من المنظومة فكان عليه تحمل جزء من التكلفة “المؤقتة”، خصوصاً وأن مخصصات الرواتب والبدلات كانت تشكل الثلث من المصروفات الحكومية للدولة في مقابل حجم سوق استهلاكي تجاوز الـ 230 مليار دولار نهاية 2014م، فكان أحد أهداف ذلك القرار هو تعويد الفرد على الاستهلاك الرشيد ورفع نسب إدخار الأسر من 6% إلى 10% كما نصت عليها رؤية 2030م، والرابح هو من استطاع الإستفادة من الأزمة وتبنى ثقافة الإدخار.
ثانياً قرار إعادة صرف البدلات والمزايا المالية لموظفي الدولة يعد قراراً ذكياً، فهو من ناحية سينعش الاقتصاد من جديد ويضبط مستويات السيولة المحلية، ومن ناحية اخرى يحمي المستهلك من دورة اقتصادية قادمة قد تكون أكثر صعوبة لما فيها من ارتفاع غير معهود لأسعار السلع والخدمات قد يصل إلى 100% في بعضها كأسعار الطاقة والوقود، فضلاً عن ضريبة القيمة المضافة المتوقع تطبيقها مطلع العام القادم 2018م، لذا لابد على الفرد من هذه اللحظة أن يكن أكثر حكمة في التعامل مع السيولة وتحديد أولوياته الاستهلاكية حسب الضرورة والمنفعة الحقيقية ويلعب دور مايسمى بالمستهلك الرشيد أو العقلاني.
يجدر التنويه بأن عودة مثل تلك القرارات لاتعني أبدا تعافي الاقتصاد السعودي، بل هي إن صح التعبير مؤشر على تحسنه مقارنة بالفترة الماضية، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.2% الربع الأول من 2017م مقارنة بـ 0.9% الربع الرابع لـ2016م، ومتوقع له أن يرتفع بنسبة 1.7% في الربع الثاني لهذا العام، أي أن الاستراتيجيات الموضوعة تسير كما هو مخطط لها وفقاً للرؤية والبرامج الوطنية التابعة، ومما يؤكد ذلك قيام وكالة فيتش مؤخراً بتصنيف المملكة A+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، ورغم أن تصنيفها النهائي يتوقف على استلام بعض الوثائق النهائية، إلا أن هذا التصنيف يعكساعتقاد الوكالة بأن حكومة المملكة العربية السعودية ستقف وراء التزاماتها وقادرة على الوفاء بالمدفوعات.
وأخيراً من المهم إدراك أن أي تغير اقتصادي يتطلب تعاون كبير بين الحكومة والقطاع الخاص والأفراد، ومن المهم أيضاً إعطاء الوقت الكافِ لتفعيل تلك الرؤى والأهداف وعدم الإستعجال في قطف الثمار قبل نضجها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال