الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أعلنت هيئة تنظيم الكهرباء مؤخرا عن المسودة الأولى لتنظيم أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة. و الذي كان معالي وزير الطاقة و الصناعة و الثروة المعدنية قد أعلن عن صدوره خلال المنتدي السعودي للإستثمار في الطاقة المتجددة 2017. فيما يعتبر نقلة نوعية في إستخدام الطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية.
و يعطي النظام الجديد الحق للمواطن السعودي (أطلق عليه النظام إسم المستهلك المؤهل) بتركيب لوحات الخلايا الشمسية الكهروضوئية بما لا يتعدى الواحد ميجاوات و إستخدام الطاقة المنتجة في مقر إقامته أو عقاره الذي يملكه و من ثم بيع الفائض عن حاجته علي شركة الكهرباء. و يتم عمل مقاصة فيما بين المواطن و شركة الكهرباء بأسعار سوف تحددها هيئة تنظيم الكهرباء في المستقبل القريب تخصم من فاتورة إستهلاك المواطن للكهرباء بإعتبار أن شركة الكهرباء هي مشتري الجملة للطاقة.
لا يزال النظام في مهده و يحتاج إلي الكثير من التعديلات التي نرجو أن تأتي تباعا كلما رأت هيئة تنظيم الكهرباء الحاجة إلي تعديله ليخدم مصلحة الطرفين البائع و المشتري. و نحن نقترح علي الهيئة أن تقوم بتركيب أنظمة طاقه شمسيه لخمسين أو مائة منشأة (منازل – شقق – شركات – مزارع) في كل منطقة من مناطق المملكة و تصدير الطاقة المنتجة إلي شبكة التوزيع. و خوض التجربة شخصيا لمدة ستة شهور مثلا. لتلمس عن قرب المشاكل التي قد تنشأ من تطبيق التنظيم و تعديله أينما دعت الحاجه إلي ذلك.
إن من أحد المشاكل التي واجهتها دول العالم أثناء الإتجاه إلى إستخدام الطاقة الشمسية هو عدم ثبات كمية الطاقة الناتجة عنها. فكمية الطاقة المنتجة من الخلايا الكهروضوئية الشمسية تتأثر بعوامل كثيرة يصعب التحكم فيها كدرجة حرارة الجو و الغبار و الأتربة و الرطوبة. كما أن إنتاج الطاقة من الخلايا الشمسية يتوقف مع مغيب الشمس. و كل ذلك يسبب صدمات لشبكة توزيع الكهرباء يسعي المسؤولون عنها لجعلها متزنة فنيا بدقة الحسابات فيما بين الوارد إليها من الطاقة الكهربائية و الصادر منها علي شكل مبيعات إلي المستهلك النهائي.
إن شبكة توزيع الكهرباء في المملكة هي شبكة قديمة و متهالكة و يتسبب ذلك في فقدان الطاقة و تسربها إلي الأرض. و هذا يدعونا إلي النظر بجدية لإيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة و تحسين و تعديل و تطوير الشبكة حتي تستطيع أن تتحمل الصدمات التي قد تنشأ من عدم توازنها جراء تصدير كميات متذبذبة من الطاقة إليها.
يمنع التنظيم المستهلك المؤهل من إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بكمية تزيد عن كمية الأحمال الموصلة إلي منشأته. و هذه النقطة في التنظيم تعني ببساطة عدم رغبة هيئة تنظيم الكهرباء في أن يصدر المستهلك المؤهل إنتاجه من الطاقة الشمسية إلي شبكة التوزيع إذ أن المستهلك المؤهل و المنتج للكهرباء بالطاقة الشمسية سوف يستهلك إنتاجه في منشأته و بالتالي لن يكون لديه ما يكفي من الفائض لضخه في شبكة التوزيع و بيعه علي شركة الكهرباء. و هذا أسلوب غير مباشر لتحميل المستهلك مسؤولية إنتاج الطاقة الكهربائية الخاصة به و إستخدامها في منشأته بعيدا عن شركة الكهرباء و توفير إستهلاكه من الطاقة الإعتيادية (مجانا) لصالح شركة الكهرباء. و هذا في الواقع يبعدنا عن حقيقة الهدف المنشود في تطوير إنتاج الكهرباء في المملكة و تنويع مصادرها و إشراك القطاع الخاص في عملية إعادة هيكلة قطاع الكهرباء التي نادت بها مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة.
و قد يقول قائل بأنه من غير الممكن أن يستهلك المستهلك المؤهل كامل الأحمال الموصلة إلي منشأته في نفس الوقت. و هذا صحيح من الناحية العملية. إلا أن كمية فائض الطاقة المنتجة بالطاقة الشمسية بعد إستهلاكه الشخصي و التي من الممكن تصديرها و بيعها علي شبكة التوزيع في رأينا لن تتعدي الـ 20٪ من إجمالي الطاقة المنتجة بحيث يؤثر ذلك سلبا علي إقتصاديات نظام الطاقة الشمسة الذي سيقوم المستهلك المؤهل بالإستثمار لتركيبه. خصوصا في بلد مثل المملكة يستهلك التكييف فيه حوالي الـ 80٪ من إجمالي الأحمال الموصلة.
و من النقاط الأخرى التي تلفت الإنتباه في التنظيم هو نظام الدفع. فإذا كانت نتيجة المقاصة الناتجة فيما بين إستيراد الطاقة الإعتيادية من شركة الكهرباء و بين تصديرها إلي شبكة التوزيع بإنتاج الطاقة الشمسية المتجددة لصالح شركة الكهرباء فإن الدفع يكون شهريا. أما إذا كانت في صالح المستهلك المؤهل و المنتج للطاقة الشمسية المتجددة فترحل من شهر إلي شهر حتي تدفع بعد ثلاث سنوات. و مهما كانت الأسباب التي حدت بصاحب القرار لوضع تنظيم الدفع علي هذا النحو، إلا أن فيه غبن واضح للمستهلك المؤهل و الذي إستثمر من حر ماله للمساهمة في التخفيف من إعتماد المملكة علي الطاقة الإعتيادية من غاز طبيعي و بترول.
إن كل ميجاوات يقوم المواطن بإنتاجها بواسطة الطاقة الشمسية هو في حقيقة الأمر يوفر علي شركة الكهرباء الإستثمارات الرأسماليه لإنتاجها بغرض ملاحقة الطلب المحلي المتزايد علي الطاقة الكهربائية بواقع حوالي 6٪ سنويا. و الذي يكلفها آلاف الملايين من الريالات سنويا. هذا بالإضافة إلى مساهمته في التخفيف من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون. و تقدر بعض دول العالم مساهمة مواطنيها في تخفيف العبئ علي الدولة بإعادة نسبة من الإستثمارات الرأسماليه التي تحملها المواطن قد تصل إلي 25٪. بالإضافة إلى شراء الفائض من إستخدامه بأسعار معقولة و مشجعة له علي توسيع نطاق إستثماره في إنتاج الطاقة الشمسية.
إن فكرة إنشاء تنظيم أنظمة الطاقة الشمسية جاءت في وقتها تماما مع بدايات دخول المملكة الغعلي و الجاد إلي عالم الطاقة المتجددة. إلا أنه على هيئة تنظيم الكهرباء أن تعيد النظر في النظام بجملته و تراعي فيه مصلحة الطرفين. و أن تنظر إلي إقتصاديات تركيب أنظمة الطاقة الشمسية الصغيره من وجهة نظر المستهلك المؤهل من حيث الأرباح المعقولة و العائد علي الإستثمار. كما و ننادي الهيئة بتقرير نسبة معقولة من قيمة الإستثمار تدفعها شركة الكهرباء للمستثمر. و أن تضع أسعارا معقولة لشراء الطاقة الشمسية الفائضة عن حاجة المستهلك المؤهل. و نرى كذلك أن عليها وضع تنظيم ذو مواصفات أعلي لشبكة التوزيع في المملكة حتي تستطيع أن تستوعب الصدمات في الشبكة بسبب الإنتاج المتذبذب للطاقة الشمسية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال