الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
داخل أي دولة، تعمل محركات الاقتصاد فيها على أستخدام موارده ذات الميزة النسبية أو المطلقة لينتج سلعآ وخدمات ذات قيمة بأقل تكلفة ممكنة ووفق أمثل توليفة بينها لتنتج أعلى قيمة مضافة متاحة، ولتسهيل فهم كيف يعمل كل اقتصاد، فهو يتكون من ثلاث محركاترئيسيه، وأربعة أذرعة محركات مساعدة، ولنبدأ بالرئيسية:
1. الحكومة ومهمتها هنا هي التنظيم من خلال أداتي السياسة المالية “الأنفاق الحكومي والضرائب” والسياسة النقدية “إدارة توازن السيولة” أضافة إلى قيام أجهزتها الأخرى بمهام تنظيمية وأشرافية ورقابية.
2. القطاع الخاص، وعادة يشير إلى الشركات والمؤسسات التي تعمل بكافة القطاعات التي تنتج سلعآ أو خدمات، وتطلب من سوق العمل موظفين وتعرض أنتاج السلع والخدمات من أستخدام الموارد المتاحه وتدفع الأجور.
3. قطاع الأسرة أو أفراد مجتمع الأقتصاد، ودورهم يتمثل في عرض العمل وتلقي الأجور والأنفاق على السلع والخدمات أضافة إلى الأدخار والأستثمار.
بينما يمكن أن نقول أن أذرعة المحركات المساعدة هي أربعة:
1. مؤسسات مالية وبنكية وتأمينية ودورها هو قناة تنفيذ عمليات السيولة بين اقراض واستثمار وادخار واستهلاك وتغطية للمخاطر.
2. سوق مالي داخلي وخارجي للأوراق المالية كمصدر لخلق السيولة والأستثمار والأدخار.
3. سوق للعمل، تلتقي فيه عروض العمل مع الطلبات عليه وفق أجر توازني.
4. سوق داخلي وخارجي للسلع والخدمات يعمل مع حركة أستثمار داخل وخارج على أداء ميزان المدفوعات والحساب الجاري للاقتصاد وأثره على أداء العملة والدين العام وتصنيف الأقتصاد بالسوق العالمي.
هذه تسمى محركات هيكيلية، وأي أختلال في أي وزن محرك من هذه المحركات، أساسية أم أذرعة مساعدة في أي خطة تنموية تقوم بها أية دولة، سينتج عنه خلل هيكيلي يعطل باقي عمل المحركات الأخرى للوصول لأهدافها التنموية. وكل محرك أيضآ له محفزات ومهبطات مباشرة وغير مباشرة له وعليه ومتصلة بمحركات أخرى، وكل محرك أيضآ له مؤشرات رقمية لتدخل في معادلات عملها وسيرها بين مدي قصير ومتوسط وطويل وكذلك في قياس أداءها بين أساس ومستهدف، وأي بيانات أيضآ أو أرقام أساس غير دقيقه أو حقيقيه، ستؤدي لوحدها لخلل هيكلي في مستهدفات الخطة.
المملكة تعيش حالة اعادة هيكلة لاقتصادها من خلال رؤية 2030 وأولى برامجها 2020 والذي تزامن مع مرحلة ركود اقتصادي عالمي طويل وتدهور لأسعار النفط، وأخذت حالة التحول سرعة عالية أثرت بأختلال توازن المحركات مثل السيولة بكل مكوناتها وحالات تعثر بالقطاع الخاص وبطالة تتسارع ووصل أثر اختلال توازن عمل المحركات إلى تسجيل أول حالة عجز تاريخية بميزان تجاري في الربع الأول 2016 . سرعة التحرك للوصول لمستهدفات الرؤية والتحول تزامن أيضآ مع عدم جاهزية “كافية” لكفاءة عمل محركات مهمه في الاقتصاد مثل تحدي تنظيم هيكلة سياسة مالية وتوازنها، ومثل تنافسية أداء القطاع المالي والتأميني ومثل تنافسية أداء وتنظيمات سوق العمل، وهذه أراها أكبر العقبات أو التحديات التي واجهت وستواجه عملية التحول الاقتصادي بالذات أذا أردنا أن يقود القطاع الخاص هذا التحول والذي يعاصر إعادة هيكلة جذرية له وأعادة خلق نموذج له يعتمد على إعادة توزيع أفضل للموارد تجاهه وتحويله لأنتاج قيمة مضافة أو وفق مصطلح الرؤية ” تعظيم المحتوى المحلي”.
استراتيجيا ماذا يمكن عمله؟ لن أقول لتفادي تحديات أو عقبات أي أختلال توازني، لكن لنخففها لأدنى مستوى ظل منهجية سرعة وظروف نفط محيطة؟ الأجابة لايناسبها مقال لسرد تصميمها، لكن برأيي الشخصي يمكن تلخيصها بالتركيزعلى أربع استراتيجيات كخطوة أولى لايمكن تجاوزها:
1. هناك مبدأ اقتصادي أسمه “المزايا النسبية” أنطلق منه نموذج عمل هارفرد “سلسلة قيمة بورتر” وتحديداً المسمى “القوى الخمس” حيث لا ينظر لنشاط واحد أنه كل النشاط الاقتصادي، بل لمجموعة أنشطة كماهي المحركات أعلاه تعمل ” بتوازن “، وهذا المبدأ أيضاَ أنطلق منه مؤخراَ الاقتصادي البلجيكي في كلية لندن للاقتصاد دي جراوه في ” حدود السوق ” وتوازن عمل هذه المحركات، وهذه ليست من نسيج الكتب والتنظير، بل ووفق اطلاعي طبقتها الهيئة الملكية للجبيل وينبع بشكل وحدات جزئية خاصة بالأنشطة.
2. الإلمام ” التام ” لدى قيادة كل أدارة جهة محرك كيف تعمل هذه المحركات معاَ في الاقتصاد، ربط اقتصاد السوق باقتصاد الحكومة، وعلاقتها الطردية والعكسية مع بعضها وتوليفة الوزن والسرعة المطلوبة، والأهم معرفة وتمييز نموذج اقتصادنا الحالي ومعرفة النموذج الذي نريد الوصول له.
3. معالجة “أداء ومنهجيات” قاعدة البيانات والاعتماد على السجلات الأدارية والتوسع التفصيلي لها، عدة منهجيات أقتصادية عالمية يتم تطويرها وتتغير مدخلاتها.
4. تفعيل مبدأ اقتصادي “التخصص وتقسيم العمل” بتوزيع مهام قيادة أدارة كل جهة محرك لجهاز مختص بها فقط، فمثلآ فصل أدارة سوق العمل عن أدارة مهام اجتماعية، لكونه محركآ اقتصاديا ” مباشرآ ” كذلك فصل مهام أدارة قطاع الصناعة عن مهام أدارة النفط والطاقة، كما أن كل قيادة أدارة محرك تكون للمتخصصين بها ” الأفضل علمآ وعملآ بقطاع خاص” وليس ملاكآ لأعمال قد تتعارض مصالحهم معها، فمن الخطأ مثلاَ تكليف طبيباً لوزارة طاقة، وهكذا.
ليس عيباً من قادة تنفيذي التحول تزويد مهارتهم بهذه المبادئ، وحينها، ستتم معالجة ما دونها من تحديات توازن أتوماتيكيآ، وبلا تراكم انحرافات مفاجئة تتطلب ثقل التصحيح من مركز الأنجاز والتدخل السريع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال