الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع هبوط أسعار النفط مؤخرا واتجاه المملكة لتخفيف الاعتماد على عائدات النفط، تم الإعلان عن فرض ضرائب جديدة من ضمنها ضريبة القيمة المضافة التي يتوقع أن يتم تطبيقها في بداية عام 2018 أو 2019 كحد أقصى. ولا شك أن هذا القرار يشكل تحولا جذريا لبيئة لم يسبق لها التعامل مع الضرائب محدثا تغييرا على كل من الحكومة، المنشآت، المستشارين وأيضا المستهلكين.
بالنسبة للحكومة فإن هذا القرار يعتبر أحد مصادر الإيرادات الغير نفطية التي تهدف إلى تعزيز استدامة التدفقات المالية. حيث اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي على إطار موحد لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على جميع المنتجات والخدمات باستثناء بعض القطاعات مثل قطاع التعليم وقطاع الصحة وبعض المواد الغذائية الأساسية. وسيتم فرضها على جميع الشركات التي دخلها 375000 ريال فأكثر. ويتمثل دور الحكومة في إصدار التشريعات اللازمة للتطبيق وإنشاء البنية التحتية للإدارة الضريبية لتحديث كلا من النظام المالي والاقتصادي.
وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة تُفرض على تكلفة السلع والخدمات في كل مرحلة من مراحل سلسلة التصنيع والتوزيع حيث يتم تحصيلها عن طريق الموردين والموزعين ويتحمل المستهلك النهائي التكلفة. وتسمى “قيمة مضافة” لأنها تُفرض على الفرق بين سعر التكلفة وسعر البيع. وفي مثال مبسط نفترض أن سعر حبوب القهوة 10 ريال و5% ضريبة وبالتالي يبيعها المصنع للموزع ب 10.5 ويدفع النصف ريال للحكومة. وعندما يبيع الموزع حبوب القهوة لمحل القهوة ب 15 ريال ويفرض 5% ضرائب (0.75) فإنه يسترجع النصف ريال التي دفعها للمصنع ويدفع 25 هلله فقط للحكومة (0.75- 0.5). وأخيرا يبيع محل القهوة كوب القهوة ب 20 ريال ويفرض 5% ضرائب على المستهلك (1 ريال) وبالتالي يسترجع ال 75 هلله التي دفعها للموزع ويدفع 25 هلله للحكومة. هذا يعني أن المستهلك دفع قيمة الضريبة كاملة التي تم دفعها للحكومة خلال مراحل التصنيع والتوزيع وهي 1 ريال (0.50 + 0.25 + 0.25).
طبعا السؤال البديهي الذي قد يدور في عقل القارئ هو لماذا لا تفرض الحكومة ضريبة على سعر البيع مباشرة؟ بالطبع يوجد ما يسمى بضريبة البيع ولكن تطبيق ضريبة القيمة المضافة يقلل من نسبة التلاعب التي قد تحدث عند تطبيق الضريبة على البيع.
ومن منظور الشركات بالرغم من أنها لن تتكبد تكلفة هذه الضريبة إلا أنها ستعايش نظاما جديدا يتطلب استعدادا وإعادة هيكلة للأنظمة لتطبيق التغييرات بشكل صحيح وبأقل تكلفة ممكنة. وفي دراسة أجرتها إرنست اند يونغ في عام 2016 وجدت أن أكثر من 50% من الشركات في الخليج لم تبدي أي استعدادات لضريبة القيمة المضافة. وتشمل الاستعدادات على سبيل المثال لا الحصر، تدريب الموظفين، تحديث الأنظمة، دراسة التحديات المحتملة والمترتبة عن تطبيق الضريبة والتأكد من فهم النظام الضريبي والقوانين التابعة له.
ومن المهم التنويه على نقطة الاستثمار في التقنية حيث أشارت دراسة “إدارة الضرائب” التي أعدتها شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط أن استخدام التقنية وتطوير الأنظمة سيؤدي إلى تحسين الدقة وتوفير الوقت وتخفيف التكلفة. ويتوقع أن تُمنح للشركات فترة انتقالية قد تتراوح بين 12 إلى 18 شهراً للاستعداد لتطبيق هذه الضريبة.
بالرغم من أن 5% تعد نسبة منخفضة ولا يفترض أن تؤثر على أرباح الشركات، إلا أن على الشركات أن تنظر إلى تكاليف التطبيق من ناحية واحتماليات التحول في الطلب والإنفاق الاستهلاكي من ناحية أخرى. فعندما لا يُتوقع أن تؤثر هذه الضريبة على سلوك المستهلك حيث سيستمر بشراء السلع والخدمات التي اعتاد شرائها، قد يكون هناك بعض التغيير على المدى القصير بالنسبة للمنتجات الحساسة للتغير في السعر مثل الساعات والسيارات. وبالتالي يجب على الشركات اعتماد استراتيجيات تسعير ذكية ومدروسة لمواجهة هذه التغيرات. على سبيل المثال قد تعتمد الشركات استراتيجية تخفيض الأسعار للمحافظة على مستوى الطلب ولكن يجب ان تكون المبيعات كافية لتغطية التكاليف والمحافظة على الأرباح.
وأخيرا بالنسبة للمحاسبين المهنيين والمستشارين الماليين فإنهم سيلعبون دورا مهما في مساعدة المنشآت التهيؤ للنظام الضريبي الجديد وخصوصا المنشآت التي تطبق نظام محاسبي بسيط وبالتالي سيزيد الطلب على المحاسبين المختصين بالضرائب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال