نظرة على السوق الموازية (نمو) – 3

إن مخاطر الاستثمار في السوق الموازي (نمو) لا تنحصر في محدودية الإفصاح و سطحية الفحص النافي للجهالة و قلة العناية المهنية اللازمة لتحليل المخاطر و عدم توافر متعهد بالتغطية يطمئن السوق بوجود سعر عادل للورقة المالية، بل ،في رأيي، يكمن أيضا في حجم الشركات المدرجة حاليا …. فجميعها تصنف نسبيا ضمن الشركات الصغيرة و المتوسطة التي يتسم أغلبها، و في السوق السعودي بالذات، بهيكل مؤسسي يحتاج إلى كثير من التطوير للتواجد بثبات ضمن سوق مالي يبعث الإطمئنان في نفوس المستثمرين.
و عطفا على صغر حجم تلك الشركات يقف ضعف الإمكانيات المالية و الإدارية و خبرات الملاك عائق رئيس أمامها نحو تحقيقها الصفات المؤسسية اللازمة لضمان إستمراريتها  .. و بالتالي فهي تستحق خصم أكبر في قيمتها قبل الإدراج لتغطية تلك المخاطر كما جرت عليه العادة في مناهج التقييم ..
تم إدراج الشركات في سوق نمو بمكرر صافي ربح 15.7 مرة كمتوسط و هو يزيد عن متوسط مكرر صافي الأرباح الحالي في السوق الرئيسة (تداول) البالغ 14.5 مرة .. إلا أن هذا المكرر بدأ بالإنخفاض بشكل تدريجي ليصل الى 12.3 وفقا لإقفال 25 مايو.

يقاس نضج الأسواق المالية بمعايير عدة ولكن في رأيي يتمثل المعيار الأمثل في مدى مطابقة سعر الورقة المالية المتداول لقيمتها العادلة وفقا لتدفقاتها النقدية المستقبلية و معدل الخصم الذي يعكس مخاطرها بدقة … و حتى تتحقق تلك المعادلة تتطلب السوق المالية عمق وإتساع، من ناحية حجم الشركات المدرجة و عددها، كافي لإستيعاب السيولة المتوفرة خصوصا و إن كان السوق ككل يعاني من شح في توفير قنوات استثمار متعددة يمكن مقارنة عوائدها بما تقدمه السوق المالية لمستثمريها.

إقتصر التداول في السوق الموازي (نمو)، على فئات محددة من المستثمرين المؤهلين القادرين على فهم وتحليل مخاطر الإستثمارفي أوراقه المالية المدرجة ومعرفة القيمة العادلة لها… لكن هل كل الفئات المحددة مؤهلة فعلا ؟ … لنأخذ على سبيل من ضمته القائمة من أشخاص طبيعين و وصفتهم بمن قام بصفقات في أسواق الأوراق المالية لا يقل مجموع قيمتها عن أربعين مليون ريال سعودي خلال الاثني عشرة شهراً الماضية و لا تقل عن عشرة صفقات في كل ربع سنة أو من تجاوز متوسط حجم محفظة أوراقه المالية عشرة ملايين ريال سعودي خلال الاثني عشرة شهراً الماضية .. أتفهم كثيرا عدم عدالة استثناء مستثمرين طبيعين قد يكونون مؤهلين و لكن يمكن التحقق من أهليتهم من خلال معايير أخرى قد تتضمن اختبارات الملائمة و المناسبة.