المجرب والخبير

السؤال هو طريق المعرفة الأول، وهو الخطوة الأهم في أي مشروع، (وفي الجانب القانوني) توجيه سؤالك لخبير خير من توجيهه لمجرب؛ فالمشاريع ضحايا لفتاوى المجربين. شكل مشروعك وظروفه تختلف عن أي مشروع آخر، والعمل التجاري فيه من المخاطر
والمخاوف بقدر ما فيه من الأرباح والكسب، وجملة تظنها مفيدة لك قد تنهي مشروع عمرك.

في صيف 2006 توفي سعد صاحب مكتب استقدام وكان له شريك (محاص) اسمه محمد. بعد فترة العزاء جلس محمد مع أهل شريكه وأخبرهم أنه شريك وأن معه عقد شراكة، ذهب ورثة سعد بهذا العقد لأقرب محامي وأخبرهم أن هذا العقد قد انتهى وليس لمحمد أي شراكة الآن مع مورثكم سعد، جنَّ محمد بعد إخباره بأنه لم يعد شريكا، والسر يكمن في مادة موجودة في أغلب عقود الشراكة التي تتداول عبر الشبكة ويبيعها الدخلاء على المهنة وهي: “ينتهي هذا العقد بوفاة أحد أطرافه أو فقدانه لأهليته أو الحجر عليه”.

قرر مجموعة من الأصدقاء البدء في الاستثمار في ملاعب كرة القدم المنتشرة في الحواري، واستأجروا أرضا وبدأوا بتجهيزها بمبالغ تقرب من نصف مليون ريال، رأيت عقدهم الذي لم يعرض إلا على صديق لهم (يطقق بالعقار) على حد تعبيرهم، وأفتاهم المجرب بأن سعر المتر في هذه المنطقة مرتفع وأنكم حصلتم على فرصة رائعة يجب ألا تفوت. فعلا فلم تكن الأجرة السنوية تتجاوز السبعين ألفا؛ ولكن الكارثة أن هذا العقد مدته سنة وغير قابل للتجديد إلا باتفاق جديد، بمعنى أن صاحب الأرض سيتركهم يبنون مشروع العمر ويخسرون، ثم في نهاية السنة يشعرهم بعدم رغبته في التجديد، وهو ما حصل بالفعل، وبعد استجداء لصاحب الأرض وقع معهم عقد جديدا لمدة خمس سنوات بمائتين وثلاثين ألف ريال في السنة. 

لا أحصي عدد الذين يستأجرون موقعا وبعد تجهيزه يكتشفون أنه غير مطابق لشروط البلدية ولا عدد الذين بدأوا مشاريع عظيمة ثم سرقت منهم في وضح النهار بسبب عدم تسجيل علامة تجارية أو عدم تسجيل براءة اختراع أو عدم كتابة بعض البنود في عقودهم مع الشركاء أو العمال كبند سرية المعلومات أو حصر المنافسة.
 
المشروع التجاري هو زواج مالي أوله حلم وتسرع وسهولة من الأطراف وأحاديث عمومية ولكنه قد ينتهي بالكوابيس، والخبير هو أول محطة يجب أن تبدأ بها مشروعك.