الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نظريا يعتبر رمضان شهر العبادة والعمل والإنتاجية، ولكن واقعيا -وأتحدث من أرض الميدان- فإن دوام رمضان هو موضع التذمر والشكوى السنوية بين أوساط الموظفين نتيجة عدم مناسبة وقت الدوام، وقلة ساعات النوم، وارتفاع درجة الحرارة، وضعف الإنتاجية. وهذه الشكوى مستمرة وتتجدد كل عام دون أن يتلطف المسؤول ويسأل عن حال الموظفين في رمضان ومستوى إنتاجيتهم ومدى رضاهم عن ساعات العمل المقررة لهم دون اختيار منهم.
قد يقول قائل، وما الجديد فالإنتاجية في القطاع الحكومي ليست جيدة في غير رمضان حتى تضعف في رمضان؟ وهو قول صحيح نوعا ما، بل إن بعض متخصصي الموارد البشرية يرون أن الإنتاجية لها حد معين لا يمكن أن تتجاوزه في القطاع العام، فالقطاع بطبيعته محارب للتجديد والابتكار ويعتنق بيروقراطية مقيتة تحد من فرص الأداء المبدع للموظف، وتحرص على الشكليات مثل التوقيع والحضور والانصراف والولاء أكثر من حرصها على الإنتاجية والكفاءة والتميز. وهذا أيضا قول له نصيب كبير من الحقيقة رغم أن بعض الجهات العامة في دول مجاورة تجاوزت إنتاجيتها إنتاجية القطاع الخاص.
على اليد الأخرى، يقول المدافعون عن القطاع العام إن الإنتاجية تعتمد على الحوافز Incentives وليس على الدوافع Motivations، وفرق كبير بين المصطلحين، فالحوافز مؤثر خارجي مثل الرواتب والزيادات والتدريب وتوفير بيئة العمل المشجعة على زيادة الانتاجية، وهو شيء شبه مفقود في القطاع الحكومي، ولايجادل أحد -على ما اعتقد- في ضعف الرواتب والحوافز في القطاع العام عندنا.
في حين أن الدوافع مؤثر داخلي أو قوة داخلية تدفع الشخص لبذل المزيد من الجهد والعمل دون انتظار مكافأة أو حافز مادي، وهذا قد ينطبق على موظفي القطاع الخيري بشكل أوضح حيث يقومون بكثير من الأعمال دون انتظار حافز أو مكافأة مادية، ولكنه لا ينطبق على موظفي القطاع العام بطريقة مباشرة بأي حال (قد تنطبق الدوافع في القطاع العام بطريقة غير مباشرة حين تعزيزها بالحوافز).
عودة لدوام رمضان، فبالتأكيد لا أحد يطالب بإلغاء الدوام في رمضان، ولكن لا أحد يتفق أيضا بأن تستمر الشكوى من توقيت الدوام لسنوات دون تدخل أو إعادة تفكير في تغيير وقت الدوام ليكون مناسبا للغالبية من الموظفين. ولعل تغيير أوقات الدوام اعتمادا على حلول الشهر الكريم في الصيف أو الشتاء هو الأنسب لنا في المملكة، فإن كان رمضان في الصيف فالأنسب تقديم الدوام لساعات مبكرة على أن ينتهي قبل صلاة الظهر، وإن كان رمضان في الشتاء فلا بأس من تأخير الدوام لمناسبة درجة الحرارة.
ختاما، دوام رمضان وإنتاجيته كانا ومازالا موضع شكوى وتذمر في أوساط الموظفين، ولابد من تدخل وزارة الخدمة المدنية، وعلى الأقل فلتسأل الموظفين في استفتاء عام عن موعد الدوام الذي يناسبهم ويحد من شكواهم ونفورهم من دوام رمضان، وماتراه الغالبية وتختاره لا شك سيكون الأنسب والأصلح، وعلى الأقل ستتوقف الشكوى ويحد منها حينما يشرك الموظفين ويسمع صوتهم في أمر يخصهم.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال