الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قد يحتاج الانسان للاستدانة في حالات طارئة مثل تملك سكن أو دفع مصاريف علاج أو تعليم جامعي ضروري على سبيل المثال، ولكن الغريب أن يبحث المستهلك عن أي نافذة للاستدانة مهما كانت التكلفة ! والمصيبة أن يكون الغرض منها هو الاستهلاك والرفاهية وأحيانا من أجل التفاخر في المجتمع. نحن لا نتحدث عن تقييد قرارات الفرد ولكن عندما تصبح هذه القرارات ظاهرة سلبية يشتكي منها نفس أولئك الأشخاص بعد حين، وتكون ظاهرة اجتماعية بأبعاد اقتصادية سلبية على الأسر في المملكة هنا وجب التنويه عن هذا الشأن.
في هذه الحالة التي أسميها “السرطان المالي” تتلقف هذا المستهلك عروض لبطاقات الائتمان التي يكون فيها مُصدر البطاقة هو الدائن أو الممول وحامل البطاقة هو المستدين، والمصيبة أن تُصرف هذه الأموال في كماليات بعد أن وقع المستهلك في شراكها وكُشف عنه هذا القناع الزائف بعد فترة وأصبح مديونا غارقا في هذا النوع من الديون التي يدفع فيها أرباحا تصل الى 26% كمتوسط عن طريق البنوك المقدمة لهافي حالة عدم سداد المبلغ بشكل كامل أو جزئي ! فما بالك لو كانت لديه بطاقتين أو ثلاثة وهذا ما سيزيد الحالة سوءا ! حيث يصبح فيها المستهلك عبدا للبطاقة بعد أن حُرم من الاستفادة من فرص تمويل أخرى أفضل وأجدى له مستقبلا لتملك سكن على سبيل المثال.
دعونا نلقي النظر على تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي لشهر ابريل 2017 والذي يتحدث عن إجمالي قروض بطاقات الائتمان حتى الربع الأول لعام 2017 والذي وصل الى 10.4 مليار ريال منخفضا بحوالي 5% عن الربع الرابع 2016 مع العلم أن بطاقات الائتمان نمت بحوالي 447% من الربع الأول 1998 وحتى الربع الأول 2017 ! أي نمو صاروخي من قرابة 2 مليار الى مستويات الـ 10 مليارات ريال اليوم.
صحيح أن هناك من يفسر هذا النمو بشكل طبيعي نظرا لعدد السكان العاملين إجمالا وارتفاع بعض هيكلة الرواتب في بعض صناعات القطاع الخاص، إلا أن الملاحظ أن السلوك الاستهلاكي لدى الكثير من مستخدمي هذه البطاقات هو في دائرة سلبية لذلك يعتبر خللا في الوضع المالي والائتماني أيضا للمستهلك.
وكما أن مرض السرطان في لغة عالم الطب هو عبارة عن خلايا غير طبيعية والتي تنمو داخل جسم الانسان لتغزو أو تنتشر داخل جسم الانسان بشكل غير طبيعي، أيضا بطاقات الائتمان هي كخلايا صغيرة تنتشر وتهيمن على وضع الفرد المالي خاصة مع العروض الترويجية للبنوك ومغريات أساليب التسويق التي تدفع الكثير لها فرحين في البداية باكين من عدم التخلص منها لسنوات وكأن مُصدر التمويل في البطاقة يقول له لا تدفع هذا الشهر ولكن ادفع لي عمولتي الشهرية التي تصل الى 2% مقارنة مع القروض الشخصية التي قد تصل الى هذا المستوى في السنة !
من المفارقات الكبيرة أن الانسان يجد الادخار صعبا عليه (بشكل اختياري)، ولكن في نفس الوقت لا يجد هذا الانسان أي حرج من أن يدفع مرغما جميع عمولات بطاقات الائتمان (بشكل اجباري) ولعدد من السنوات !
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال