الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أنا عادة ما أكتب مسودة مقالي مساء يوم الأربعاء، ولذلك عندما بدأت كتابة المقال هذه المرة خشيت أن أتناول الأزمة القطرية فلا يأتي يوم السبت موعد نشر المقال الا وتكون الامور قد حلت. ولذلك حبرت مسودة مقال اليوم عن موضوع آخر بعيد أشد البعد عن الاحداث في المنطقة. ولكن عندما استيقظت صباح الخميس، وأنا أتهيأ للذهاب إلى العمل، صرت أفكر بأن الكتابة عن موضوع آخر يعتبر بكل بساطة تهرب من الواقع. ولهذا وضعت ما كتبت على جنب وبشكل تلقائي وجدت نفسي أكتب هذه السطور.
بالفعل فإن توتر العلاقة مع قطر لن يدوم طويلًا. وأنا هنا لا أتحدث عن الروابط الاقتصادية فهي روابط، للأسف، غير قوية بين بلدان المجلس، رغم كل ما يقال، نتيجة تشابه الاقتصادات فيها. فنحن ننتج نفس النفط والغاز الذي يشكل أكثر من 70% من إيرادات الميزانية وما يزيد على 40% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولكن هذا ليس حال المجال الأمني والدفاعي. فأزمة احتلال الكويت برهنت أن دول المجلس يمكن أن ترتب أمورها وتهب بسرعة لنجدة بعضها. ولنكون صريحين فإن بلدنا يلعب في هذا الشأن الدور الرئيسي. فموقع المملكة المتميز، الديني والاقتصادي والجغرافي، يمكنها من بناء شبكة تحالفات عربية ودولية يمكن الاعتماد عليها وقت الاخطار. وبهذا المعنى فإن بلدنا يمكن أن يدافع عن أي بلد خليجي وقت الشدة التي نتمنى ألا تأتي.
من هنا فإن البيت الخليجي المشترك بعد هذه الأزمة، يفترض أن يعيد ترتيب نفسه على ضوء الحقائق وليس التمنيات. فالأمانة العامة لدول المجلس عليها ألا تكتفي بالسوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والمواطنة الاقتصادية، رغم أهمية هذه الإنجازات. فبلدان المجلس تختلف عن دول الاتحاد الأوربي المتكاملة اقتصاديًا. فالسوق المشتركة والاتحاد الجمركي حتى يعملان بنفس الكفاءة الاوربية يفترض أن يكون الإنتاج غير النفطي في دول المجلس مختلف. وهذا للأسف غير موجود. ولذلك فإن الهياكل الاقتصادية الخليجية المشتركة تعمل في صالح إعادة تصدير البضائع التي تستوردها هذه البلدان من الخارج.
الأمر الآخر أن موقع المملكة في دول المجلس يفترض أن يكون بمثابة موقع المانيا في الاتحاد الأوروبي. وهذه المكانة وإن كانت من حيث العرف متبعة فإنها، على ما يبدو لي، تحتاج إلى مادة قانونية تدعم ما هو متبع؛ حتى لا يكون هناك لبس في هذا الشأن. صحيح أننا كلنا متساوون في دول المجلس ولكن صحيح أيضًا إن المملكة، بما لديها من امكانيات، هي البلد الوحيد القادر على حماية بقية الأعضاء وقت الشدة. وهذا يستاهل الكثير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال