الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أبدى محافظ مؤسسة النقد الدكتور أحمد الخليفي قبل فترة استياءه من انخفاض ثقافة الادخار عند السعوديين،قائلًا إنهم يعملون مع كل من وزارتي المالية والاقتصاد والتخطيط على ابتكار أدوات استثمارية تشجع أفراد المجتمع عليه.
واستياء معالي المحافظ في محله، فكل المؤشرات والشواهد تؤيد وتصادق على ما ذهب إليه. لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح هنا هو:
على من يقع الجزء الأكبر من المسؤولية في ذلك،هل على المواطن نفسه أم أن هناك جهات أخرى تتقاسم معه المسؤولية!؟
وحتى يمكننا الاجابة بمنطقية وحيادية على هذا السؤال يجدر بنا أن نلقي الضوء على أشياء مرتبطة كل الارتباط بالمستهلك وتؤثر على قراراته الشرائية أو الادخارية. فعندما نرى ذلك الاصطكاك الكبير في المحال التجارية في كل شارع تقريبًا من شوارعنا وعلى كلا الجانبين في مشهد لا نراه إلا في بلادنا،فهل نلوم المواطن هنا عندما يجد فاتح الشهية هذا لمزيد من التسوق والشراء أم نلوم الأنظمة التي جعلت من ذلك واقعًا كان له كل التأثير السلبي على عادات المستهلك وقراراته،هل نحن بحاحة فعلًا لهذا الانتشار الكبير لهذه المحال،التي أصبحت بؤرًا للتستر التجاري،وصار نفعها لرعايا هذه الدولة أو تلك!.
والغريب أن نجد من يعتبر ازدحام الشوارع بهذه المحال والمراكز هو نتيجة لاتجاه المواطنين نحو التسوق والاسراف،وباعتقادي أن هذا استنتاج خاطئ،والعكس هو الصحيح؛فهذا التمدد العشوائي هو من أسباب الانفاق العالي عند المواطنين وبالتالي انعدام أو انخفاض مستويات الادخار.
الأمر الآخر، الادخار لا بد له من قرين يُشجع عليه إلا وهو الاستثمار. أين هي قنوات الاستثمار المتاحة التي تشجع المواطن على أن يدخر جزءا من دخله ليستثمره فيها!؟
يكفي أن أشير في هذا الجانب إلى أن بنك التسليف والادخار (بنك التنمية الاجتماعية حاليا)، فشل طيلة مسيرته والتي تمتد لما يزيد عن ٤٤ عاما في القيام بوظيفته الثانية (الادخار) من خلال تصميم وتوفير البرامج الادخارية الملائمة لأفراد المجتمع، حتى استشعر مسؤولوه هذا الحرج،وتم في الأخير تغيير مسماه إلى بنك التنمية الاجتماعية!
دعنا من توفير هذه البرامج الادخارية والاستثمارية، أين نحن من جهود التوعية المالية طيلة العقود الماضية بأهمية الادخار؟.
لا أذكر اني اطلعت في حياتي على برنامج توعوي حكومي في هذا الجانب.ومما زاد الطين بلة أن قنوات الاعلان التي تشجع على التسوق والانفاق قد أُطلق لها العنان، حتى أصبحت إعلانات المحال والأسواق تصل دون إذن إلى جوال المواطن،والنشرات التسويقية توضع تحت باب بيته!
هذا غيض من فيض من الأمور التي يجب على الاجهزة الحكومية المعنية مراجعتها قبل أن تبدأ بدراسة الأسباب التي أدت إلى وجود جفاء وتباعد بيننا وبين الادخار.
ولا أريد أن يفهم من كلامي هذا أني أبرئ المواطن فيما يخص سلوكه الاقتصادي،فبالتأكيد هو يتحمل جزءًا من المسؤولية،لكني أود أن أشير إلى أن بداية الاصلاح يجب أن تكون من قِبَل المؤسسات الحكومية المختصة،حتى يمكننا وضع المواطن في أول الطريق نحو إصلاح عاداته المالية وعلى رأسها خلق ثقافة الادخار وتنميتها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال