الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من يستطيع تأكيد حجم الأموال المنفقة على الأعمال الخيرية في المملكة داخليا وخارجيا وحصر (الإيرادات والنفقات) ؟؟؟
نسمع عن كثير من التبرعات والهبات ، كما نسمع عن شكوى ذوي الحاجات والفقراء والأسر، حتى الجمعيات تشتكي من قلة مواردها . من الواضح أن هناك خللا كبير جدا بين الأموال الداخلة والخارجة في الجمعيات الخيرية بمختلف مهامها وأماكنها وطبيعة عملها . فلماذا ؟
أعتقد أن معظم الجمعيات الخيرية تعاني من مشاكل في التخطيط الجيد بمستوياته الثلاث ، وخصوصا التخطيط الإستراتيجي لطرق التمويل ومجالات الإنفاق ، التخبط واضح جدا والإجتهادات تفتقد للرؤية الواضحة . وهذه المشكلة ومشاكل أخرى سببها الأول عدم وجود المتخصصين في الإدارة المالية والتخطيط الإستراتيجي في الجمعيات ، فمعظم من يعملون في الجمعيات الخيرية من غير المتخصصين في الإدارة والاقتصاد والمالية ، حتى من يعملون في المالية تكتفي الجمعيات بمحاسب أو بكاتب حسابات (غير سعودي) يقوم بكل الأعمال المالية ، بينما المشايخ حفظهم الله يقومون بكل شيء .
ترهل الهيئة الإدارية للجمعيات الخيرية من المشاكل الكبيرة التي تعاني منها كثير من الجميعات ، وقد رأيت ذلك في أكثر من جمعية . وذلك الترهل الإداري يسبب عرقلة لكثير من القرارات وبطء في التنفيذ ، ولأن عدد ليس بالقليل من العاملين يحصلون على مكافأت مقابل عملهم فإن تلك الأعداد تحصل على مبالغ كبيرة كان يمكن توجيهها إلى مجالات خيرية ، بل إن بعضهم يعمل في الجمعيات (سمسارا) لجمع الأموال مقابل نسبة يحددها هو ، ويحصل من وراء ذلك على مبالغ ضخمة جدا معتمدا على علاقته وشهرته ، كل ذلك بعلم الجمعية ، ولا أظن المتبرعين يعلمون بمثل تلك السمسرة . ولست أدري هل أصنف هذه الحالة تحت سوء الإدارة أم الفساد ؟؟؟
ويظل الفساد المالي والإداري من أهم أسباب الهدر المالي في الجمعيات الخيرية والعمل الخيري بشكل عام ، وصور ذلك الفساد كثيرة وبعضها غريب جدا جدا . كذلك الذي اشترى سيارة للجمعية وهي فعلا مهمة لتلك الجمعية لكنه يستخدمها لأغراضه الخاصة أكثر مما تستخدمها الجميعة ، أو القرار الذي اتخذه مسؤول كبير في إحدى المناطق بصرف كل ما في خزينة الجميعة لشخص واحد بحجة حاجة ذلك الشخص ، وذلك الشخص من العاملين غير الرسميين عند ذلك المسؤول ، ويقدر المبلغ المصروف بالملايين .
ومن صور الفساد تسجيل أسر أعضاء الجميعة في قوائم المستفيدين من خدماتها وإعاناتها المادية ، غير ما تنشره الصحف من وقت لأخر عن حالات عن عمليات اختلاسات من أموال الجمعيات تصل للملايين . صور الفساد في الجمعيات الخيرية كثيرة ولا يمكن حصرها هنا .
وقد سهّل ذلك الفساد المالي والإداري ضعف الرقابة الداخلية والخارجية ، والرقابة الميدانية بالذات ، فبدون الرقابة الميدانية يسهل تغطية أي سرقة أو إختلاس . وأعتقد أن معظم الجمعيات تفتقد لتلك الرقابة في داخلها ، ومن باب أولى أن لا تتم الرقابة الخارجية ميدانيا ، ويعتمد الجميع على الأوراق التي يقدمها العاملون في الجميعات لأعمالهم . وذلك بلا شك غير كافي .
النتيجة قصور واضح في أداء بعض الجمعيات الخيرية لتلك الأسباب أولا ولعزوف المتبرعين عن تقديم أموالهم للجميعات ثانيا . فلم تكن صدمة المجتمع في دعم بعض الجمعيات للإرهاب مسألة سهلة، خصوصا أن جزءا كبيرا من ذلك الدعم حدث بسبب سوء الإدارة ولم يكن توجه او تعمد من الجمعية .
ودليل عزوف المتبرعين عن تقديم أموالهم للجمعيات هو قيام كثير من رجال الأعمال بتأسيس جمعياتهم الخاصة وإدارتها بأنفسهم ، أو توجيه التبرعات إلى أعمال محددة يقوم رجل الأعمال بمتابعتها بنفسه. وما يقدمه بعض رجال الأعمال من أموال للجمعيات هو من باب الخوف من إتهامهم بالبخل وعدم حب الخير . كذلك تواصي الناس في مجالسهم وأماكن عملهم بعدم تقديم أموالهم للجمعيات لأنها لا تصل للمستحقين فعلا .
يجب أن يفرض على الجميعات الخيرية نشر قوائمهما المالية سنويا في الصحف بعد مراجعتها من قبل مكتب محاسبة معتمد ، كما يحدث للشركات المساهمة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال