الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حدثت «مؤسسة النقد» هذا الاسبوع رسوم الخدمات المصرفية التي تقدمها البنوك السعودية لعملائها، ولا جديد في التحديث حيث بقيت الخدمات الأساسية مثل اصدار بطاقة الصراف ودفتر الشيكات للمرة الأولى والسحب والإيداع وسداد الفواتير ورسوم الخدمات الحكومية كلها مجانية. ويلاحظ انخفاض تكلفة التعاملات الالكترونية مقارنة بالخدمات عن طريق الفرع، وللمثال فالتحويل من بنك لآخر داخل المملكة الكترونيا كلفته 7 ريالات في مقابل 25 ريالا عن طريق الفرع للحوالات المستلمة في نفس اليوم (5 ريالات و15 ريالا للحوالات الآجلة)، والتحويل الالكتروني لبنك خارج المملكة أرخص من التحويل من خلال الفرع.
وبالتأكيد لا أحد يجادل في صرامة وكفاءة «ساما» في رقابتها على المصارف عندنا، ولكن الجدل الكبير هو هل عدد المصارف لدينا كاف بالنظر لحجم الاقتصاد وتنوع وتباعد المناطق والمحافظات؟
الإجابة هي لا ولا ولا، فعدد البنوك لدينا لايزيد على 12 بنكا، 11 منها في الرياض وواحد فقط في جدة، في حين اكتفت فروع البنوك الأجنبية بوكالات صغيرة لاتقدم أية خدمات في صيرفة الأفراد، وسجلت المصارف الخليجية حضورها بفرع واحد فقط في الرياض العاصمة.
ولا أعرف رقما لعدد الذين مازالوا يتداولون بالكاش في المملكة وإن كانت دراسة قديمة تقول إن 37% من السعوديين لا يملكون بطاقات صراف آلي، وما زالوا يعتمدون على «الكاش» في تسيير أمورهم.
كما أن احصاءات الاقتصاد الأسود (يسمى أيضا الاقتصاد الخفي وغير الرسمي) تصل إلى 350 مليار ريال (توصلها بعض الأرقام لـ500 مليار ريال)، وكلا الرقمين يشكل نسبة ليست باليسيرة من حجم الناتج المحلي.
ولاشك أن قلة البنوك وانعدام تواجدها في المدن المتوسطة والصغيرة والتجمعات السكانية الصناعية أو الزراعية مسؤولة بشكل أو بآخر عن زيادة حجم الاقتصاد الخفي، ولا يمكن إجبار الناس بالسفر لإيداع الأموال أو السحب من البنوك البعيدة، فالخطأ يقع على من لم يوفر لهم بنوك تخدمهم في تجمعاتهم.
وأجدني أعود لمطالبة «ساما» بالسماح بإنشاء مالا يقل عن خمسة بنوك في الوقت الحالي في مناطق المملكة الشمالية والشرقية والغربية والجنوبية. فلا يعقل أن تحتضن المنطقة جامعة تضم 70 ألف طالب ومدرس ومدينة اقتصادية أو تعدينية وسكة حديد وتجمعات تجارية كبرى ثم لا يسمح لها ببنك يخدم ابناءها ويفتح لهم فرص التوظيف ويجد رجال اعمالها فرصة لاستثمار أموالهم، ويسهم في زيادة معدلات الادخار والاستثمار ويرفع مستوى التنمية في المنطقة.
كما أن إنشاء بنوك بالمناطق والمحافظات يخدم شرائح واسعة من المواطنين في المدن الصغيرة والهجر، وعلى الطرق السريعة بين المدن، ويعمق التنافس للوصول إلى تجمعات المواطنين وخدمتهم بدلاً من سفرهم إلى المدن المجاورة من أجل صرف النقد من صراف أو اثنين معطلان غالب الشهر كما يحصل حالياً.
والأهم أن إنشاء بنوك المناطق والمحافظات سيحجم عمليات الاقتصاد الخفي ويقلل التعامل بالكاش الذي يضطر إليه الناس خارج المدن الكبيرة اضطرارا بسبب غياب البنوك التي تخدمهم في تجمعاتهم مع مافي حمل الكاش من مخاطر، والسبب أن «ساما» لا تريد أن ترخص لبنوك تخدمهم دون أي سبب منطقي مقنع، واتمنى أن صوتي وصل لمن بيده اتخاذ القرار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال