الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حسب آخر إحصائية بلغ عدد المحامين السعوديين الممارسين 4000 محامٍ تقريبًا، وبنسبة هذا الرقم إلى عدد السكان في المملكة والذي يقدّر بما يقارب 31 مليون نسمة، فهذا يعني أن هنالك محامي واحد لكل 7500 شخص من السكان في مجتمعنا.
تعد المملكة أقل دول الخليج العربي في عدد مكاتب المحاماة وعدد المحامين مقارنة بعدد السكان بالنسبة. ربما يعود ذلك إلى أن المحاماة مهنة ناشئة في مجتمعنا، وتحتاج للكثير من الإصلاحات حتى تتوفر للمحامي بيئة تتمتع بالحد الأدنى من التنظيم والشكل اللائق بما يليق بكونها مهنة مُعتَبَرة. لا ننكر أن هنالك بعض الخطوات التي يمكن أن نعتبرها إيجابية وتصب في صالح المهنة أبرزها السماح للمرأة بالحصول على ترخيص مزاولة المهنة، وإنشاء هيئة للمحامين -وإن كانت غير مستقلة ومرتبطة بوزارة العدل- وعدد من الاصلاحات في مجال القضاء، وآخرها تحويل هيئة التحقيق والادعاء العام إلى نيابة عامة واستقلاليتها عن السلطة التنفيذية وارتباطها بالملك مباشرةً؛ رغم ذلك يعتبر مجتمعنا متأخرًا من الناحية القانونية والقضائية.
فمثلًا حتى الآن لا يوجد لدينا ميثاق شرف مهني ونفتقر للكثير من القواعد وأساسيات المهنة، وإلى وجود قاضي قانوني، وغير ذلك من الأمور التي تجعل من مهنتنا تستمر وتطول في مرحلة المخاض، وتضمحل آمال ممارسيها في تحسينها ومواكبة بقية المجتمعات في التطور والتنمية بالنسبة لمهنتهم.
الجدير بالذكر هو أن المملكة وقّعت على اتفاقية تقضي بالسماح للمواطنين الخليجيين بالترافع في كافة دول الخليج، بيد أن هذه الاتفاقية لم تُنفذ حتى الآن في السعودية، بينما كل دول الخليج قامت بتطبيقها. وهذ الأمر يدعو للاستياء فعلًا، فاتفاقية كهذه من شأنها تحسين مستوى أداء المهنة، والاستفادة من تبادل الخبرات بين الزملاء في دول الخليج، وتداول العُملة والنفع الاقتصادي لا تنال الحماس لتنفيذها.
بينما مظاهر الفوضى التي تطال مهنتنا ما زالت قائمة وبنظام يسمح بوجودها. كالسماح لأي شخص بالترافع حتى لو لم يكن محاميًا بموجب توكيل شرعي لثلاث مرات في السنة، الأمر الذي أدّى لوجود الكثير من الدخلاء على المهنة ومزاحمة الممارسين عليها من الدعوجية والمعقبين وغيرهم. فعلى سبيل المثال لو قمنا بمقارنة حال المهنة لدينا بدولة مجاورة كالكويت لوجدنا تأخر كبير بين ما آل إليه حالنا وما وصل له وضع المهنة لديهم، وهذا ربما يُعد سبب من الأسباب التي تدعو الكثير من المحامين السعوديين إلى العمل والاستقرار في الكويت.
فعدد المحامين المقيدين في الكويت حسب آخر إحصائية يصل لما يقارب 5400 محامي، عدد المحامين المواطنين منهم يصل لأقل من النصف، والبقية غالبيتهم من دول الخليج وأكثر هؤلاء من السعوديين. بالطبع هذا قبل أن تتخذ الكويت قرار بمنع حصول المحامي السعودي على تصريح ممارسة المهنة تماشيًا مع مبدأ المعاملة بالمثل بسبب عدم تنفيذ السعودية للاتفاقية الآنفة الذكر.
لا أجزم أن نزوح المحامين السعوديين للكويت وممارسة مهنتهم في الخارج أمر سيء بحد ذاته، لكن ما استطيع أن أقوله هو أن هذا الأمر يدعو للدراسة، والتساؤل عن السبب الذي يدعو عدد كبير من المحامين للتخلي عن ممارسة المحاماة في موطنهم، أو ربما الهروب لدولة مجاورة حتى يحظو بممارسة مهنتهم بشكل يليق بمكانتها وَبهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال