الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتقدم الثورة الإلكترونية بخطى سريعة لكي تحدث انقلابات معيارية في ظروف الحياة البشرية في كل مكان من العالم الذي نعيشه. وواضح أن “رؤية المملكة 2030” سبقت الواقع الرتيب الذي نعيشه في المملكة العربية السعودية، وهي رؤية تدرك حجم التغيير الذي سيتعرض له المجتمع السعودي كنتيجة طبيعية للصدمات التي سيحدثها “الذكاء الاصطناعي” في مجتمع يبحث عن أدوار تغيره وتؤهله لولوج العالم الجديد، وتغيير نفسه للمساهمة في التغيير والتحول من عالم تقليدي إلى عالم رقمي وتفاعلي ومتغير مع المحيط. أحسب أن في عام 2030 سنكون قد بلغنا محطات التغيير الشامل لوسائل الإعلام التقليدية جنبا إلى جنب مع التغيير الشامل في مجموعة من نظم الحياة التي ستختفي بصعود موجة من إفرازات ما يسمى “الذكاء الاصطناعي” وهذا الذكاء الاصطناعي سيغير حياتنا رأسا على عقب، وستدخل الروبوتات إلى بيوتنا، وتؤثر في حياتنا العائلية والخارجية، كما ستدخل السيارة الكهربائية دون سائق، وسنستغني عن سياراتنا التقليدية، وسائقها، ومواقفها، وشركات تأمينها، ورخصها، وستكون سيارة ذكية تدار من الجوال، وتوصلنا إلى المكان الذي نريد، ثم تذهب – من خلال أزرار في الجوال – إلى مكان تقف فيه، وحينما نهم بمغادرة المكان نضغط على أزرار الجوال فتأتينا السيارات الذكية لتأخذنا إلى حيث نريد. وهكذا استغنينا عن السيارات التقليدية، وسائقها، وشركات تأمينها، وموقفها، وإزعاجها وملوثاتها، وحوادثها التي أودت بحياة كثير من أولادنا، وأصبحت مشكلة تؤرق حياة كثيرين. كما أنه في ظل مشاريع الذكاء الاصطناعي فإن الإنسان يحتاج إلى مكان هادئ بعيد عن ضوضاء المدينة، لأنه سينجز أعماله عن بعد، فضلا عن أن برامج السوفت وير ستكتسح كثيرا من القطاعات في حياتنا الصحية والتعليمية والاقتصادية. بالنسبة لصحة الإنسان الغالية، فسوف تصبح الأجهزة الطبية مربوطة بجوالك وتستطيع الحصول على صور أشعة وتحليلات في الدم وقياس ضغط الدم بضغطة زر، أيضا نظام التعليم سيشهد تغييرات جوهرية، والأعداد المتاحة من الفصول الدراسية لن تكون قادرة على استيعاب الملايين المتزايدة من الطلاب والطالبات، وسيلعب التعليم عن بعد الدور الأكبر في تعليم البشر. إذا كنا نسلم بأن حياتنا في مفاصلها الأهم سوف تتغير وسنستبدلها بمنجزات تكنولوجيا المعلومات، فلماذا نستبعد الاستغناء عن السيارات التقليدية، والطب التقليدي، والتعليم الفصلي التقليدي، والاقتصاد التقليدي؟ إن مراكز الأبحاث العالمية تقدر أنه في عام 2030 سيتقدم الكمبيوتر على العقل البشري وسيصبح أكثر ذكاء من الإنسان، ولذلك – في خطوة استباقية – طلبت الأمم المتحدة من دول العالم أن تضع رؤيتها حتى عام 2030 قبل أن تفاجأ بالكم الهائل من التغيير القسري في حياة البشرية جمعاء. ولذلك نهضت المملكة العربية السعودية بوضع “رؤيتها المباركة 2030″، وهي رؤية لكل مواطن سعودي يريد أن يلحق بركب الحضارة والحياة الجديدة.
إن تقنية المعلومات تتجه إلى تغيير كل شيء في حياة الإنسان، بمعنى أن مشروع الحكومة الإلكترونية يعني اختفاء الورق من المؤسسات الحكومية، وكذلك اختفاء الورق في مؤسسات قطاع الأعمال وفي الصناعة والزراعة والطب والتعليم. هي سلسلة من التغيرات الشاملة في منظومة حياة الإنسان لصالح الثورة الإلكترونية التفاعلية الرقمية.
أما الضربة القاضية لحياتنا التقليدية، فهي – كما أشرت – مشاريع الروبوتات التي ستدخل إلى الخدمة داخل بيوتنا قريبا جدا، وكذلك السيارات الذكية الرقمية التي ستقوم بوظيفة التوصيل والمواصلات من خلال أزرار ضاغطة.
عندئذ سوف تختفي أكثر من ثلاثة ملايين تأشيرة خادمة، ومليون تأشيرة سائق، نعم سوف تتغير إيكولوجية حياتنا كثيرا، وسندخل العالم الآخر، عالم التكنولوجيا والإلكترونيات. ونستطيع القول إن الثورة الإلكترونية هي في بداياتها الأولى وستحدث تغييرات في حياتنا كما أحدث التيار الكهربائي تغييرات جوهرية في جميع أنحاء حياة الإنسان، حتى “الإتريك” الذي كان أجدادنا يسعدون به في حياتهم اليومية غاب تماما من حياتهم بدخول التيار الكهربائي كما يغيب الفصل الدراسي من حياتنا التعليمية التقليدية، وتغيب العيادة الطبية التقليدية من حياتنا الصحية، ويغيب الشارع المكتظ بالضوضاء والتلوث، وتتغير حياتنا رأسا على عقب، أي بعد أن كان العقل البشري يدير حياتنا اليومية، فإن العقل التقني الذكي سيقود حياتنا اليومية ويصنع مستقبلنا الوارف المجيد. وهكذا فإن مستقبل البشرية الآن بين يدي تقنية المعلومات وثورتها الإلكترونية الرقمية المجيدة.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال