الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ابتداء أهنئ الإخوة القراء بعيد الفطر السعيد، وتقبل الله منا الصيام والقيام. والمقال غير تقني، أي كُتب بلغة مبسطة ليكون مفهوما من عموم القراء. السياسة المالية العامة تعني استخدام الحكومة صلاحيات جباية الزكاة وفرض الضرائب و/أو الرسوم وبصفة أعم جانب الإيرادات ويقابلها جانب الإنفاق بهدف التأثير في سلوك الاقتصاد. ويتصل اتصالا مباشرا نمو الناتج المحلي الإجمالي والدخل والتوظيف بإجمالي الإنفاق الحكومي أو العام والإنفاق الخاص.
وهذان الإنفاقان يمثلان الطلب الكلي. ويتكون الإنفاق الخاص من المشتريات من السلع والخدمات من جانب المستهلكين، ومن جانب قطاع الأعمال للاستثمار، وصافي الصادرات (الصادرات ناقصا الواردات). أما من جانب الحكومات، فهي تحصل الإيرادات من الضرائب بأنواعها، ومن مصادر أخرى، وتنفقها على أوجه صرف متنوعة مثل الأمن والدفاع عن الوطن والرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الاجتماعية والبنية التحتية والمرافق العامة وخدماتها والقضاء وغيرها. السياسة المالية لعمل الحكومة تشير إلى التغيير الكلي أو كيفية تحصيل الإيرادات العامة ودفع النفقات العامة من أجل إدارة نمو الطلب في الاقتصاد. والهدف من ذلك هو زيادة التوظيف للقوة العاملة في البلاد، ودفع المنشآت الصناعية والآلات المستخدمة إلى مستويات إنتاجية عالية نسبيا، مع محاولة ألا يحدث تضخم أعلى من نسب بسيطة، وألا تضطر الدولة إلى الاعتماد المفرط على الاقتراض من الخارج لدفع ثمن البضائع المستوردة.
الإيرادات من ضرائب ورسوم أي من دخول عوامل الإنتاج وعمليات النشاط الاقتصادي قد تعمل على خفض الطلب الخاص، ومن ثم ربما أن الصافي انخفاض الطلب الكلي في الاقتصاد. أي أن الحكومات قد تسعى إلى منع أو زيادة الطلب الكلي مثلا عن طريق زيادة الضرائب أو خفضها، ويتأثر منها الناتج الإجمالي والدخل والتوظيف. وبصفة عامة، لكل سياسة آثار حسنة وآثار سيئة، والعبرة بالمحصلة.. لكنه يصعب أحيانا الاتفاق على هذه المحصلة. لو افترضنا أن جميع الأمور الأخرى على حالها، ثم حصل ارتفاع في إيرادات الحكومة أكثر من النفقات، ما أدى إلى تحسن في ميزان الميزانية (الزيادة في الفائض أو النقص في العجز).
النتيجة المتوقعة تقليص الطلب الكلي، ووجود ضغوط لحدوث خفض في الناتج المحلي وفي التوظيف، والنهاية أسعار أقل نسبيا. لكن، من ناحية أخرى، إذا كانت الزيادات في الإنفاق أكثر من الإيرادات، فهذا يزيد الطلب الكلي، ومن ثم يدعم الإنتاج والدخل والتوظيف، ويزيد نسبيا في الأسعار.
لكن بالمقابل يحصل تدهور في توازن الميزانية (زيادة في العجز أو نقصان في الفائض). بعض الاقتصاديين لا يعتقدون أن السياسة المالية تؤثر في الطلب الكلي تأثيرا له قيمة واعتبار. فمثلا، المطالبة القوية بمنع أي تدهور في توازن الميزانية يمول من قبل الحكومة عن طريق الاقتراض له نتائج مرغوبة ونتائج عكسية. من النتائج المتوقعة، زيادة الاحتمال بالاقتراض لاحقا و/أو زيادة الضرائب. رشاد المستهلكين سيؤخذ ذلك بعين الاعتبار.
يرى أولئك الاقتصاديون أن هذا يقلل تماما من وجود أثر قوي للسياسة المالية التوسعية في الطلب الكلي. مجموعة أخرى تشير إلى أن الزيادة في الاقتراض الحكومي الناجم عن السياسة المالية التوسعية ستتسبب في حدوث منافسة مع القطاع الخاص للحصول على الأموال المقترضة. وهذا بدوره يؤثر سلبا في أسعار الفائدة وسعر الصرف، بل حتى يجعل الاستثمار الخاص والصادرات أكثر تكلفة. باختصار، تؤكد النظرة التقليدية للسياسة المالية الأثر المباشر للإيرادات الحكومية والإنفاق في الطلب الكلي.
ومن المسلم به أن بعض الضرائب وأنواع الإنفاق تؤثر في الاقتصاد وفي توازن الميزانية أكثر من غيرها. وقد ظن البعض أن تحقيق الفوائض مرتبط بضعف النشاط الاقتصادي، وأن العجز مرتبط بمستوى أعلى من الإنتاج والتوظيف. لكن الواقع الاقتصادي أصعب من أن يفهم هكذا ببساطة، ولا يصلح الاستناد إلى نظرة بناء على أفكار أقرب إلى أنها بسيطة أو منحازة.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال