الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عطفا على أحداث صكوك دانة غاز الاماراتية الأخيرة قبل أسابيع وجد حملة صكوك دانة غاز قبل أربعة أشهر من موعد اطفاء الصكوك (اكتوبر ٢٠١٧م) بأن تفاجأهم الشركة المصدرة للصكوك أن الصكوك أصبحت بصيغة ليست متوافقة مع أحكام الشريعة الاسلامية، مما أوجد قلقاً لدى حملة صكوك دانة غاز بالاضافة إلى تَشَوُّش في سوق الصكوك بشكل عام.
هذا حدث مهم، تم تناوله من قبل المختصين على أصعدة متعددة، الشرعية والقانونية والمالية، وأرجع المصدر لصكوك دانة غاز تفسيره لهذا الحدث تحت مخاطر الامتثال الشرعي Shariah Compliance Risk، وبدوره جرى النقاش والجدل في محاور عامل مخاطر الامتثال الشرعي في حديث المختصين والمستثمرين في الصكوك.
أتناول في هذا المقال عرض دراسة حال صكوك دانة غاز من زاوية جديدة، وهي هل المشكلة كانت في الامتثال الشرعي بالتزام مصدر الصكوك بالضوابط الشرعية الصادرة من الهيئة الشرعية للصكوك أم هي بسبب اختيار صيغة شرعية للصكوك غير متلائمة مع مسار الصكوك الاستثماري أدى إلى عدم امكانية مواصلة مصدر الصكوك للامتثال الشرعي؟
الفت الانتباه هنا إلى عامل اخر من عوامل المخاطر التي تحيط بالصكوك فقط دون السندات التقليدية، وهو عامل اختلاف الصيغ الشرعية للصكوك Sukuk Structure Risk Facto .
يقرر كثير من الباحثين في الصكوك على وجود مخاطر للصكوك مستمدة من نوع الصيغة الشرعية المستعملة في الصكوك، فمثلا قياس مخاطر ادارة السيولة عال في صكوك المرابحة لوجود ضابط شرعي في المرابحة يمنع تداول الصكوك بخلاف صكوك الاجارة، التي يُقاس مخاطر إدارة السيولة بتقدير أقل. وقد قرر المعيار الشرعي للصكوك الاستثمارية ( 17 ) الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية بوجود 14 نوعاً من الصيغ الشرعية، يجوز استعمالها في هيكلة الصكوك. إذن، فقياس المخاطر لدى الصكوك يكون متغيرا وفقاً لاختلاف أنواع الصكوك وصيغها الشرعية، ولا ينظر للصكوك كأنها كعنصر واحد وإنما لكل صيغة ونوع قياس للمخاطر مختلف عن الصيغة الاخرى.
وأكدت الدراسات النظرية في الصكوك إلى وجود اختلاف في الأداء المالي بموجب اختلاف الصيغ الشرعية لأنواع الصكوك بيد أن عوامل المخاطر تستمد من طبيعة الصيغة الشرعية المستعملة في هيكل الصكوك.
فعودا إلى حالة صكوك دانة غاز، الصيغة الشرعية المستعملة في صكوك دانة غاز هي المضاربة بواقع مال المضاربة من حملة الصكوك والأداء والجهد من الشركة. وأوعزت الشركة في البيان الصادر عنها بأن المخالفات الشرعية ناشئة في صيغة المضاربة الشرعية التي اختارتها الشركة في هيكلة الصكوك عند اصدارها. فالسؤال هل ممكن تكون المشكلة هي الاختيار غير الملائم من مصدر صكوك دانة غاز لصيغة المضاربة أم نقص الخبرة باعمال خصائص صيغة المضاربة الشرعية وتبين لاحقا بأنها غير ملائمة مع المسار الاستثماري للصكوك؟
في دراسة اكاديمية بجامعة بورتسموث بالمملكة المتحدة عن مخاطر تنوع الصيغ الشرعية في هيكلة الصكوك، أوضحت بوجود ثغرة بين واقع تطبيق الصكوك وبين التوصيف النظري لها من الجانب الشرعي والقانوني، وأن الأداء المالي للصكوك لا يتوأم مع التوصيف النظري للصيغة الشرعية لهيكل الصكوك لتحقق المعنى المرجو من هدف الصكوك وتحقيق استقاليتها عن السندات التقليدية وفقا للتقرير النظري الذي تقرره الدراسة.
وأرجعت الدراسة أسباب عدم اعمال الفروقات بين الصيغ الشرعية للصكوك الى عدة عوامل منها نقص كفاءة أسواق الصكوك بيد أنها تعتبر الصكوك وحدة واحدة في تحليل المسار المالي (semi-strong efficiency)، واغفال تنوع الصكوك بتنوع صيغها الشرعية التابعة لها، حيث ان لكل صيغة اعتبارات خاصة في قياس المخاطر وتوقع الايرادات، ومن الخطأ اعتبار العاملين بأسواق الدين أن الصكوك تعامل كالسندات التقليدية، واغفال الأثر المالي المترتب من اعمال تنوع الصيغ الشرعية في نشرة اصدار الصكوك.
هذا يستدعي إلى إعادة النظر بالنسبة للمستثمر في أسواق الصكوك بالتعرف على المخاطر المالية للصكوك المستمدة من تنوع الصيغ الشرعية المستعملة في هيكلتها، ومدى ملائمتها إلى أهدافه الاستثمارية، وكذا الحال مع مصدري الصكوك. فالاختيار المناسب للصيغة الشرعية للصكوك يسهم في تحقيق القرار الاستثماري بالاضافة إلى تحقيق معادلة تسعير الصكوك وتفادي حدوث التعثرات المالية للصكوك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال