الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
معالي الشيخ، منذ وقت ليس بالقصير طلب مني ابني محمد الطالب الجامعي السماح له أن يعمل في احدى الشركات التي توظف الشباب والشابات السعوديين للوفاء بشروط السعودة ضمن برنامج نطاقات ، وذلك للخروج من النطاق الأحمر للاستفادة من الخدمات الحكومية بما فيها الإستقدام .
سألته كيف تعمل وأنت طالب جامعي ومعظم وقتك في الجامعة ؟ فأخبرني أن الدوام مفتوح حسب رغبة الشخص ، ان كان لديه وقت دوام وان لم يكن لديه وقت ليس ملزما بالدوام . وسألته عن الراتب ، فقال بين ١٥٠٠ ريال و ٢٠٠٠ ريال حسب الإتفاق . وسألته عن الراتب الأساسي الذي يوقع عليه في العقد فقال بين ٤٥٠٠ ريال و٥٥٠٠ ريال . ترددت فأخبرني أن معظم زملائه يفعل ذلك ، سألته وهل يمارسون عملا فعليا ؟ قال لا ، أحيانا يذهبون للعمل لكن لا يعملون فعلا ، وغالبا لا يذهبون للعمل .
رفضت طلبه ، لكني بررت له رفضي ذلك بما يلي :
أولا: هو لن يستفيد من عمله ذلك أي خبرة عمليه لأنه في الواقع لن يعمل ، وان عمل فلن يعمل عملا ذا قيمة لسببين أنه في الغالب لن يستطيع الدوام ، ولأن أصحاب العمل لن يثقوا في شخص بلا خبرة وغير منتظم في العمل .
ثانيا : الحصول على المال بسهولة ودون جهد مفسدة كبيرة للشخص أولا ، فالمال الذي يأتي بسهولة وبدون جهد لا تقدر قيمته ولن يهتم بطريقة صرفه ، وتعوده على هذا السلوك سوف يصبح طبعا له ، وهو بذلك يفسد حياته مستقلا . ولن تكون لديه همة في المستقبل للعمل الجاد المنتج بعد أن تعود على العمل السهل والحصول على المال دون جهد .
والأخطر هو تفشي ذلك السلوك في المجتمع كما حدث لابني الذي رغب بذلك الكسب السهل تقليدا لزملائه ، وهذا يعني أن يظل المجتمع وخصوصا الشباب عاطلا غير محب للعمل والإنتاج . وفي نفس الوقت لديه مال ينفقه في ملذاته ، ما يعني استمرار السلوك الاستهلاكي النهم لدى المجتمع نتيجة وفرة مال بدون عمل حقيقي وجهد يذكر ، وكل ذلك يؤدي لإرتفاع الأسعار مع سوء الجودة والخدمة .
ثالثا: من يقوم بهذا الفعل هو شريك لأصحاب العمل في التلاعب على أنظمة الدولة التي وضعت لتحقيق مصالح الوطن من عدة أوجه . أولها إحلال الشباب السعودي المؤهل محل العمالة الوافدة بحيث يصبح أبناء الوطن هم من يعمل على تنميته . وهذا الهدف لن يتحقق مع وجود هذا التلاعب ، فمن يعملون بتلك الطريقة في الغالب غير مؤهلين بل معظمهم من الطلاب أو ممن لم يكملوا دراستهم . وهذا فيه ظلم كبير للمؤهلين من الشباب الذين يبحثون عن عمل فلا يجدون بسبب (السعودة الوهمية).
ولأن المؤهل لن يقبل بالعمل (الوهمي) لسببين الأول مالي فلن يكون راتبه جيدا بوجود موظف أجنبي يقوم بالعمل ، وثانيا لأن وجود العامل الأجنبي مكانه لن يسمح له بالعمل ، وسيعمل على عدم استمراره في العمل وعدم اكتسابه للخبرة ليضمن بقاءه . وبذلك يحرم الشاب السعودي المؤهل من العمل ويستمر العامل غير السعودي في العمل مكانه . ما يعني استمرار ونمو البطالة بين الشباب السعودي ، وتنامي المشاكل الناجمة عن البطالة .
والتوظيف الوهمي يعني فشل خطط الحكومة في التخفيف من العمالة الوافدة التي تحتل سوق العمل السعودي وتسيطر عليه تماما ، وتستنزف مليارات الريالات سنويا من الاقتصاد السعودي ، مع ما للعمالة الوافدة من مشاكل أخرى اقتصادية واجتماعية وأمنية .
رابعا: ذلك التوظيف هو ضمن برامج مدعومة من الحكومة بمبالغ كبيرة جدا ، وما يحصل عليه الموظف (الوهمي) جزء بسيط جدا من ذلك الدعم وباقي مبلغ الدعم يأخذه صاحب العمل ، سواء كان ذلك الدعم ماليا أو خدميا . وهذا برأيي فساد من الطرفين الشاب وصاحب العمل ، فكلاهما تساعدا في استغلال الدعم الحكومي لبرامج التوطين . ولن يتم التوظيف بتلك الطريقة إلا بالتلاعب على النظام من جميع الجوانب .
اقتنع إبني على مضض ، لكنه منذ فترة قصيرة أحضر لي فتوى معاليكم يا شيخ عبدالله المطلق التي تجيز ذلك التوظيف بشرط عدم أكل صاحب العمل حراما ، محتجا بها عليّ وطالبا مني السامح له بالعمل في تلك الوظائف ، علما بأن تلك الوظائف الوهمية متوفرة وميسورة ولديه أرقام لبعض الشركات .
فما رأي معاليكم؟ هل أسمح له بالعمل في وظائف (السعودة الوهمية) أو لا ؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال