الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن جيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة، و إن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب يؤدي إلى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة. وها نحن على بداية الصيف، و هو وقت يكثر فيه الخريجين من الثانوية و المعاهد و الجامعات، و تبدأ معهم رحلة البحث عن الوظيفة في ظل معدل بطالة عالية! إذ تذكر بيانات الهيئة العامة للإحصاء، أن معدل البطالة لدى السعوديين من الجنسين هو 12.1%، و هو أحد المعدلات العالية طوال الستة عشر سنة الماضية!
إن اختيار الأشخاص المناسبين لشغل الوظائف الشاغرة هو بلا شك من أولويات و مهام المسؤول عن المنشأة، فلابد من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. وأنا إذ أذكر المناسب، فالمعيار حتما هو واحد، ألا وهو “الكفاءة”! لا توجد معايير أخرى مثل : العائلة، أو القبيلة، أو القرابة، أو المنطقة، أو اللون، أو الشكل، أو الجنس.
أما معايير القبول و حسن الاختيار فتختلف من منشأة إلى أخرى، و حسب الوصف الوظيفي و متطلبات العمل. و توجد بحوث و مقالات عديدة لهذا الغرض، و أود أن أطرح بعض الأفكار ذات الصلة بهذا الموضوع. فمن البديهي أنه يجب أن ينظر المسؤول إلى السيرة الذاتية و مدى جودتها، و إلى المؤهل العلمي، و الخبرات، و الدورات التدريبية. كما يجب الأخذ في عين الاعتبار الشكل العام للمتقدم، ليس في لبسه فقط، إنما في ثقته بنفسه و حضوره الذهني و الجسمي و مدى ملائمته لمتطلبات العمل. و من المهم أيضا أن يقاس حماسه، و حسن تفاعله و ذكاء ردوده، و مدى طموحه. و يجب إعطاء فرص متساوية لأكبر عدد ممكن ممن تنطبق عليهم الشروط، مع وجود ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص في المقابلة لتحديد مدى أهلية المتقدمين و لاختيار الشخص الأنسب. و قد تحتاج بعض الوظائف لعمل مقابلات منفصلة مع عدة أشخاص في أماكن مختلفة و ذلك للحصول على أفضل تقييم ممكن للمتقدم.
و قد يذهب بعض المسؤولين إلى التشدد في إظهار و إثبات نزاهته و نزاهة منشأته، فيتجنب مقابلة أو توظيف أي شخص قد تربطه به أي صلة كانت (عائلة، منطقة…)، و هذا فيه هضم لحقوق هذا المتقدم الذي قد يكون الشخص الأنسب. لذا يجب الحرص على إعطاء جميع من تنطبق عليهم الشروط فرصا متساوية، و ليأخذ الوظيفة من يستحقها.
أيها المسؤول، إعلم أنه ستأتيك طلبات لتوظيف أشخاص بالواسطة من أقارب و وجهاء و مسؤولين و أشخاص لا تعرفهم و لم يعرفوك من قبل. و كل هذا اختبار لك! لأنك إن وظفت المستحق و الأجدر و تجاهلت هذه الطلبات، سيقابلونك هؤلاء الأشخاص بالقدر نفسه من التجاهل، بل قد يصل الأمر إلى أبعد من ذلك. و لكن حين تقوم بتوظيف أشخاص بالواسطة سواءا كانوا مؤهلين أو غير ذلك، ستسمع الثناء و المديح و الدعاء و الترحيب الحار في كل مكان و زمان.
لكن احذر !!! إن عدم توظيفك للأجدر و الأكفأ سيساهم بلا شك في هدم الوطن، لأنه سيؤدي إلى ضياع حقوق الموهوبين من أفراد المجتمع الذي هو بواقع الأمر بحاجة لهم للتطوير والتنمية، و سيثير الحنق و الامتعاض و ينمي القهر و الغبن بين أفراد المجتمع لإحساسهم بالظلم و الجور في حقهم، كما أن تركز ثروات البلاد في أيدي فئة محددة مما يزيد من الفقر ويساهم في هروب الاستثمارات الوطنية. كما سيسهم ذلك في الفساد الإداري بالمنشأة بشكل خاص، و بالوطن بشكل عام.
لذا رأيت أنه من الواجب عليَّ كفرد من أبناء هذا الوطن يحبه ويخلص له ويتمنى من كل قلبه أن تكون رايته أبد الدهر عالية خفاقة بين الأمم أن أهمس في أذن كل مسؤول وأقول له :
حكم ضميرك، و اتخذ القرار الصحيح للحفاظ على وطنك، و لتؤدِّ أمانتك على أكمل وجه بما يرضي الله سبحانه و تعالى، و بمن أعطاك الثقة و المسؤولية لاتخاذ هذا القرار.
يقول الله تعالى في سورة النساء (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ).
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال