الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قرأنا قبل فترة خبرًا عن اجتماع تدعو إليه الهيئة السعودية للمحامين والذي رَعَتْهُ أحد مكاتب المحاماة التي يرأسها رمز من رموز القانون والذي يمكن اعتباره من الرعيل الأول، والكثيرون ينسبون له فضلٌ كبير على مهنة المحاماة، الاجتماع هذا يُعد من أول اللقاءات التي تنظمها الهيئة، والتي بدورها شكرته على استضافته ورعايته لهذا اللقاء؛ الذي عُرِّف عنه بأنه أمسية تجمع الممارسين لهذه المهنة في مقر الهيئة التي تُعْتَبر النظير المؤسسي لنقابات المحامين المهنية في العالم.
يعتبر البعض أن ما قامت به الهيئة يُعّدُ صورة من صور الدعاية للمحامي. والجدير بالذكر أن النظام (القانون) في السعودية يحظر على المحامين الدعاية والترويج والإعلان لأعمالهم. هذا الحظر ورد في اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة في مادته الثالثة عشر التي تنص على أنّه (ليس للمحامي أن يعلن عن نفسه بشكل دعائي في أي وسيلة إعلانية). ويُبَرّر هذا الحظر غالبًا بأنه جاء لحفظ مكانة مهنة المحاماة وهيبتها. وأن سعي ممارسها وراء قضية أو تصيّد موكل لا يتناسب مع سموها وعظمتها.
فإنه وبرغم الحظر إلا أننا نجد كثير من المحامين لدينا يقومون بالدعاية والإعلان لأعمالهم بطرق ووسائل مختلفة عن المألوف، مثلًا: عن طريق الترويج لأنفسهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو التطوع وعرض الخدمات مجانًا، وغيرها من صور الدعاية غير المباشرة.
قد يكون من المقبول أن نعتبر تحايل بعض المحامين على هذا التنظيم ومخالفته بطريقة غير مباشرة أمرًا يمكن تصوره. هذا بالنسبة للمحامين أنفسهم، أما بالنسبة لهيئة المحامين؛ لا نعرف ما إذا كان هذا التصرف -الإعلان عن رعاية أحد مكاتب المحاماة لاجتماع تنظمه- يخالف النظام أم لا، أو أن ما نشرته في حساباتها يُعّد شكلًا من أشكال الدعاية والترويج للمحامي، أم أنه لا يعدو كونه صورة من صور التقدير والامتنان للرعيل الأول.
لكن في حال اعتبرنا أن ما قامت به مخالف للنظام؛ هل من المقبول أن تبادر أو تشارك -هذه الهيئة- في مخالفة نظام المحاماة بالترويج لأحد المحامين؟ وهل يمكن اعتبار أن ما قامت به يدخل في دائرة التمييز فيما بينهم؟
الجدير بالذكر أن هذا الاجتماع جاء في إطار مهني، يضم مجموعة من الأشخاص بصفتهم المهنية، في مقر تَجَمُع مهني، تنظمه هيئة مهنية، وليس اجتماعًا خاصًا ولا مناسبة اجتماعية تَجْمَع أشخاصًا عاديين بصفتهم الشخصية. وبغض النظر عن موقفنا تجاه التنظيم الذي يحظر الإعلان عن المحامين والذي لا نجده في كثير من المجتمعات، هل يبرر ذلك مخالفة النظام وعدم استجابتنا له؟
من نافلة القول ومن باب الإنصاف أيضًا ألا يُبخس حق المحامين الذين سبقونا إلى شرف ممارسة هذه المهنة والذين عانوا ولم تُوَفَر لهم الفرص والامتيازات التي يتمتع بها المحامون هذه الأيام، بتقديرهم وذكر إنجازاتهم للارتقاء بالمهنة، والاعتراف بفضلهم، ومن الوارد أن يكون الراعي لهذا اللقاء أحدهم، لكن هل يعتبر التقدير وَرد الجميل مبررًا للتمييز بين المحامين وعدم المساواة بينهم؟ وهل من الطبيعي أن نجد محامين كل ما كان يعرفونه عن هذا الاجتماع هو تلقيهم دعوة لحضوره أو قراءتهم خبرًا عنه؟
وهل من الطبيعي أيضًا أن يتم التوصل لاختيار أحد الزملاء أو الأساتذة لرعاية هذا الاجتماع في حين لا تُوَفَر للبقية أية معلومات عن كيف تم هذا الاختيار، ولا معرفة الإجراءات التي على أساسها حصل كل هذا؟ وهل يعد ذلك عدم مراعاة لمبدأ الشفافية والمساواة بالنسبة لاطلاع جميع من له صلة بكل أعمال الهيئة؟ هل كون أحدهم ينتمي للرعيل الأول مبرر لمنحه فرصة دون الآخرين وتمييزه عنهم؟ وهل الإنصاف للجيل الأول لا يكون إلا بإجحاف الأجيال التي تلته؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال