ظاهرة “البيتكوين” Bitcoin

على مدى السنوات القليلة الماضية، وخلال مسيرة بيتكوين القوية والزخم التصاعدي المدهش، انتقد بعض الاقتصاديين بيتكوين لعدم وجود قيمة جوهرية لها. ومن المعلوم لدى الناس، أن القيمة الجوهرية توجد في النقد الإلزامي أو معظم الأصول في العالم. وكثيرا ما يكافح الاقتصاديون الذين تعرضوا للنقد الإلزامي (Fiat Money) والاقتصاد التقليدي لعقود من الزمن لفهم المفاهيم المالية والتقنية لبيتكوين. لذلك الطبيعة اللامركزية لبيتكوين يكون مفهومها غامض بالنسبة لمعظم الاقتصاديين، لأنهم أساسا لم يواجهوا مثل هذه المفاهيم في الماضي. 

وعلى الرغم من الطلب المتزايد من المستثمرين المؤسسيين على بيتكوين، بما في ذلك شركة فيديليتي للاستثمارات (Fidelity Investments) التي تشرف على أصول بقيمة 2.31 تريليون دولار، فإن الاقتصاديين مثل هاورد ماركس، الذي يدير شركة (Oaktree Capital) للاستثمار بقيمة 90 مليار دولار، ليس على استعداد لاحتضان بيتكوين بسبب قلة القيمة الجوهرية. حينها ينتقد ماركس عدم وجود قيمة ثابتة أو جوهرية لبيتكوين ولكن من الغريب، أن العملات الورقية أيضا ليس لها قيمة جوهرية. 

والفرق الوحيد بين بيتكوين و العملات الورقية هو أن الأول لا مركزي ولا يمكن التلاعب به من قبل مجموعة مركزية من الإداريين في حين أن العملات الورقية تعتبر مركزية ويمكن التلاعب بها من قبل مجموعة مركزية من الإداريين. على سبيل المثال، إذا تم تثبيت العرض للبيتكوين بسقف إجمالي قدره 21 مليون دولار، فإن عرض الدولار الأمريكي على النقيض من ذلك ليس ثابتا، وقد تم تغييره والتلاعب به باستمرار من قبل الاحتياطي الفدرالي، وذلك باستخدام طريقة التيسير الكمي (Quantitative Easing).

في الحقيقة، معظم أنصار ومستخدمي وتجار ومستثمرين البيتكوين هم أولئك الذين يعترفون بالأنظمة اللامركزية ليس فقط في مجال التمويل ولكن حتى في القطاعات الآخرى. ويتم استخدام التكنولوجيا وراء بيتكوين وتكنولوجيا الـ (Blockchain) أو سلسلة الكتل وهي قاعدة بيانات موزعة تمتاز بقدرتها على إدارة قائمة متزايدة باستمرار من السجلات المسماة. وتستخدمها بعض أكبر الشركات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لإنشاء نظم مبتكرة لمعالجة البيانات والتحقق منها. لذلك لا يبدو أن الاقتصاديين يفهمون تماما التكنولوجيا وراء بيتكوين. بل هي قطعة متطورة من البرمجيات والتعقيدات التقنية ومن الصعب أن تنهار كما يقول الخبراء. 

ولكن كما أكد جولدمان ساكس، إن المستثمرين ليس بالضرورة أن يفهموا التكنولوجيا وراء بيتكوين لأن السوق قد أثبت نجاح بيتكوين كملجأ آمن ومخزن للقيمة. وهناك حاليا أكثر من 800 عملة رقمية مشفرة (Cryptocurrency) على الرغم من أن تسعة فقط لديها سقف سوقي يتجاوز مليار دولار. المستثمرون وبعض الاقتصاديين الذين لم يحالفهم الحظ في فهم بيتكوين وإمكاناتها كما هو واضح في السوق، لا يمكنهم الاستمرار في تجاهلها. وسوف تستمر في التطور لتصبح عملة رقمية رئيسية، تنافس العملات الاحتياطية على قائمة الـ Money Supply M1 وضد المعادن الثمينة بما في ذلك الذهب. والبعض الأخر يقول أن العملات الرقمية ليست سوى بدعة لا أساس لها (أو ربما حتى نظام هرمي) قد يسبب فوضى عارمة في سوق العملة الافتراضية.