الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الخلاف بين مجلس الوزراء ومجلس الشورى حول خفض ساعات العمل في القطاع الخاص إلى 40 ساعة وإجازة يومين في الأسبوع هو خلاف ليس سهلاً. فهذا الموقف المتباين هو بحد ذاته يعكس الصعوبات التي يجدها متخذو القرار في التوصل إلى حل لموضوع له تشعبات وآثار جانبية كبيرة.
وبالتأكيد فإن مجلس الشورى الذي حسم موقفه من الأمر ورفعه إلى ولي الأمر يعكس حرصه على جذب أكبر عدد من الشباب إلى العمل في القطاع الخاص. وهذا موقف مفهوم باعتبار أن مجلس الشورى هو الجهة التي تعبر عن مصلحة الجمهور؛ أو هكذا يفترض. فهو هنا لا يشذ عن بقية المجالس المشابهة له في بقية أنحاء العالم التي تسعى دائمًا لإرضاء أكبر شريحة من الناس.
وهذا ليس حال مجالس الوزراء، فالمجالس التنفيذية في جميع البلدان تضع على رأس اهتماماتها التدفقات المالية ونمو الناتج المحلي الإجمالي، فمؤشرات الاقتصاد الكلي في أي بلد هي من مسؤولية مجلس الوزراء، فإذا جاءت هذه المؤشرات ضعيفة أو سالبة فإن السهام ستوجه إلى مجلس الوزراء، ومجلس الشورى أو البرلمان هو أول من سوف يستدعي الوزير الذي يراه مقصرًا لاستجوابه.
إن خفض ساعات العمل وإجازة يومين في الأسبوع سوف تؤدي دون شك إلى إقبال شبابنا على العمل في القطاع الخاص، وهذا ربما يخفض معدل البطالة التي لا يزال مؤشرها أعلى مما نرغب فيه، ولكن هذه نظرة من جانب واحد فقط، لأن إقرار هذا القانون ليس بالضرورة أن ينعكس على نشاط قطاع الأعمال بالموجب، وفي هذه الحالة فإن الجهد الذي بذله مجلس الشورى لخفض نسبة العاطلين عن العمل لن يتحقق، لأن عزوف أصحاب الأموال عن الاستثمار، أو في أحسن الأحوال تقليص نشاطهم، من شأنه أن ينعكس على التوظيف بالسالب. فنسبة التوظيف في الاقتصاد تعتمد على نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي. ومثلما نعرف فإن القطاع الحكومي، في ظل تراجع العائدات النفطية، لن يتمكن أن يلعب دوره التقليدي كقاطرة تجر وراءها بقية قطاعات الاقتصاد، وهذا يعني أنه لم يبقى غير القطاع الخاص الذي يمكن أن يؤدي نشاطه إلى دفع الاقتصاد.
ولهذا فبقدر ما أتعاطف مع الموقف الذي اتخذه مجلس الشورى في هذا الأمر فإن موقف مجلس الوزراء هو الآخر في غاية الوضوح. فمن غير الممكن لأي مجلس وزراء في العالم أن يتخذ قرارا حول موضوع من الموضوعات إذا كان هذا القرار قد يؤدي إلى تراجع العائدات وانخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال