الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في غالبية المجتمعات -إن لم يكن جميعها- يتشكل لكل مهنة اتحاد أو تَجَمُع يَنْضَم إليه المنتسبون لها، يُطْلَق على هذا التنظيم في معظم الدول مُسمَى النِقابات المهنية.
والجدير بالذكر أن الهدف من إنشاء هذه النقابات -على سبيل المثال وليس الحصر- هو تطوير ممارسة المهنة وتحسين أداءها، وضمان تَوَفُر بيئة عمل مُحَفِزة للعاملين فيها، ومَنْح تصاريح ممارسة المهنة وغيرها من الخدمات والأهداف.
بالنسبة للقانونيين في السعودية فإن النَظِير المُؤَسسي لهذه النقابات حاليًا هو هيئة المحامين السعودية، التي اسْتَبْشَر المحامون بتأسيسها عام 2015 إذ سيعملون أخيرًا تحت مظلة مهنية ووفق مرجعية تطور مهنتهم وتضمن حمايتها.
في السابق وقبل تأسيس الهيئة؛ كان الاتحاد الذي يجمع المحامين هو لجان المحامين بالغرف التجارية، وكذلك اللجنة الوطنية للمحامين التابعة لمجلس الغرف. الغريب في الأمر هو أن هذه اللجان مازالت موجودة وأعمالها ما زالت قائمة حتى بعد تأسيس الهيئة، مما يعني أن هنالك تعدد للجهات التي قد ينتمي إليها المحامي، وأكثر من وجهة يستطيع أن يُنتسب فيها عضوًا.
لا يمكن لأحد أن يُنكر مجهودات اللجان وماقدمته للمهنة طوال السنوات الماضية، والتطورات التي حدثت في عهدها، والأهداف التي قررتها ونذكر منها: إنشاء هيئة للمحامين وهو الهدف الذي تحقق بالفعل، ودعم المحامين في تنظيم المهنة، ولا أدري إن كان هذا الهدف يتعارض مع وجود اللجان أم لا علاقة له بذلك.
يعتقد الكثيرون أن تنظيم المهنة لدينا محيّر بعض الشئ؛ ليس بتعدد الجهات فقط، بل حتى لضبابية الواقع المهني من ناحية الإجراءات، ويعزون ذلك إلى أسباب منها -على سبيل المثال- أنه ما زالت عملية منح تراخيص مزاولة المهنة تتم في إدارة المحاماة التابعة لوزارة العدل، بينما سمعنا عن حالة قيد طلب تجديد في هيئة المحامين، وأن الوزارة وجهت باتخاذ الهيئة مقرًا لاجتماع لجنة قيد وقبول المحامين.
ومن الأسباب المحيرة كذلك: أن لجنة الموثقين تابعة للغرفة التجارية، وهيئة المحامين التي استبشر المحامون بتأسيسها أخيرًا غير مستقلة على غرار نظيراتها في الدول الأخرى وتعمل تحت إشراف وزارة العدل ويرأس مجلس إدارتها وزير العدل.
لا أجزم بأن هذا الواقع الضبابي للمهنة وتعدد الجهات التي قد ينتمي لها المحامي والعشوائية في الإجراءات أمر سيء في حد ذاته، لكن من الممكن اعتبار ذلك من الأسباب التي قد تشتت المحامي، ومن الممكن كذلك أن نعتبرها هدر للإمكانيات المالية وللمجهودات البشرية.
ويعتقد كثيرون كذلك أن استمرار وجود لجان المحامين يدخل في دائرة التمييز وعدم المساواة بين أبناء المهنة الواحدة، ويحقق ميزة لبعض المحامين دون غيرهم بمنحهم فرصة لأن يكونوا على اتصال مباشر مع الأوساط المالية والتجارية ورجال الأعمال عن طريق رئاسة هذه اللجان وعضويتها.
السؤال هنا: هيئة المحامين هذا الإنجاز الذي لطالما تمناه أبناء المهنة وبذل أساتذتنا من الرعيل الأول مجهودًا لسنوات لتحقيقه، هل من صالحها وصالح المهنة بقاء هذه اللجان؟ أم أن المهنة من الممكن أن تصمد رغم وجود ربانيّن؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال