الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع التفكير في مشروع البحر الأحمر أجد نفسي أتذكر أزمة اليونان, والتي كادت تعصف بالقارة الأوربية برمتها, والتي كانت مصدر قلق دولي عاشته الأوساط الاقتصادية الدولية والتي علق وأبدى قلقه منها وزراء اقتصاد كل الدول الصناعية والمتقدمة شرقا وغربا. ديون تتجاوز الـ 380 مليار يورو لم يكن بإمكان اليونان سداد حتى فوائدها, وهذا يعني بلا شك افلاس, ما لم يأتي منقذ بحزمة من المساعدات المالية.
وفعلا قام الاتحاد الأوربي بتقديم حزمة, ولكن مشروطة. وليس الغرض من المقال الدخول على التفاصيل, ولكن الغرض تسليط الضوء على أحد أهم بنودها, والذي يتمثل في خصخصة الجزر أكثر من 1500 جزيرة, وعدد من المرافق العامة, ورفع مستويات الضريبة وتحسين أنظمة تحصيلها, بالإضافة الى شروط أخرى لا يتسع المقال ولا غرضه لتعدادها.
وهذه البنود, مع بنود أخرى, كانت مقنعة للمقرضين بأنها كفيلة لسداد وخدمة دين 380 مليار يورو على المدى المتوسط والبعيد, وكفيلة بإعادة الدورة الاقتصادية لليونان مرة أخرى لتساهم اعادة الحياة الى نصابها في دولة صغيرة لا يتجاوز سكانها 13 مليون نسمة والتي كادت تكون بداية تعثرات قد تجر العالم الى قاع سحيق اقتصاديا. شروط حزمة المساعدات لليونان ليست سوى “اصلاح هيكلي” و”تفعيل للأصول”. الشروط ليست تعجيزية على الأطلاق, بل تبدو منطقية جدا, ومتناولة, بل ان كافة الاقتصادات المتقدمة نجحت بها نجاح ممتاز, ولو لم يكن هناك نماذج نجاح حية, لما أشترط الأمر اساسا.
عودة الى بلادنا, والتي تتمتع باحتياطات ضخمة, نفطية ونقدية على حد سواء, نجد اننا نملك اكثر 1300 جزيرة على امتداد بحرنا الأحمر المسمى على لون مرجانه ذي اللون الأحمر, والذي كان قديما مال يتداول ومقبول. والحقيقة ان مشروع البحر الأحمر بالذات ليس له فقط أبعاد اقتصادية كفيلة بتحريك رأس المال و تحريك وجذب التدفقات النقدية المتوقع لها ان تكون ذات طبيعة دائمة, بل من المتوقع لها ان تحدث نقلة ثقافية واجتماعية كبيرة لبلادنا, وهذا موضوع يطول شرحة وسأكتب عنه لاحقا ان شاء الله.
مشروع البحر الأحمر سيضخ اكثر من 70 مليار في قطاع الإنشاءات, وهذا سيحرك لا محاله التوظيف والعمران والنقل البحري السياحي على امتداد البحر الأحمر من شماله لجنوبه, وكل هذا معروف بطبيعة الحال. بلادنا التي بنت البوادي والقفار الصحاري فتحولت الى حواضر خضراء خصبة, ومدن ذات ابنية عامرة يفد لها الناس شرقا وغربا, قادرة لا محالة على تحويل جزر البحر الأحمر الى رياض يفد لها السياح من كل مكان.
بلادنا تحول جزر البحر الأحمر التي كان ينفى اليها الخارجين عن القانون, الى جنات آمنة قادرة على التكوين الاقتصادي الكفء والذي تقوم عليه كثير من دول العالم شرقا وغربا. مشروع البحر الأحمر استخدام امثل للأصول, في وقت ننعم به بالرخاء.
بلادنا أساس كل فضائل العرب ومنشأ لغتهم وأخلاقهم وقيمهم, صوتنا الصواب, و عقيدتنا السلام, ولعدونا الحرب. أمة العرب بشعبنا يفخرون, وللملك يتطلعون, ولولي العهد يصبون. أعداء العرب في كل أرض نحن ندحرهم, وبهذا عرفت بلادنا منذ القدم. لا يشك في نجاحنا, ولا يملك أحدا علينا قوة, ومع الحق نقف بمعزل عن المصالح كلها. جزر بحرنا بعزمنا ستنطق جمال, و بجميل الأشعار ستغني, ولبلادنا الزائرون سيتهافتون.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال