الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يمر قطاع الكهرباء في المملكة العربية السعودية بتغيرات جذرية في جميع أركانه لمواكبة التغيرات المتسارعة فيما يخص تقنين و توفير و ترشيد إستهلاك الطاقة لإنتاج الكهرباء. و لقد ذكر ذلك معالي وزير الطاقة في المؤتمر السعودي للإستثمار في الطاقة المتجددة 2017. و من أحد العوامل المهمة لتخفيض الإعتماد علي النفط و الغاز الطبيعي هو ما سوف ينتجه البرنامج الوطني للطاقة المتجددة من مشاريع لإنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية و طاقة الرياح.
و مع أن موضوع دعوة المواطن إلى ترشيد إستهلاك الكهرباء هو موضوع قديم إهتمت به وكالة الوزارة لشؤون الكهرباء في وزارة الصناعة و الكهرباء. إلا أن نشاطها قد اقتصر علي بعض الحملات الإعلامية في الصحف قبيل فصل الصيف من كل عام. إلا أنني أرى أن عملية الترشيد اتخذت طابعا أكثر جدية بتفعيل المركز السعودي لكفاءة الطاقة “كفاءة“. و لقد كان المركز عبارة عن برنامج في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم و التكنولوجيا تحت مسمى ”البرنامج الوطني لإدارة و ترشيد الطاقة“ إلي أن صدر قرار مجلس الوزراء بتاريخ 1433/1/17هـ بالموافقة علي تنظيم ”المركز السعودي لكفاءة الطاقة“. و لقد عمل المركز ولا يزال على ثلاث قطاعات رئيسية للتوفير من إستخدام الطاقة محليا و هي قطاعات المبانى و النقل و الصناعة. و يهمنا في هذا المقال قطاع المباني.
قام ”المركز السعودي لكفاءة الطاقة“ بتعديل كود البناء السعودي و رفع مستوى مواصفات عزل المباني. كما قام برفع مواصفات بعض الأجهزة الكهربائية التي تستخدم في المباني كأجهزة التكييف و الثلاجات و الغسالات إلى مواصفات أكثر كفاءة و أقل إستهلاكا للطاقة الكهربائية. و أصبح ذلك قانونا واجب الإتباع تعاونت على تحقيقه جميع الجهات المعنية من وزارات و هيئات و شركات. بمعنى أن الأثر الذي حدث جراء تغيير المواصفات أصبح أثرا من الممكن ملاحظته على مستوى المملكة.
ولدى مراجعتي لبعض إحصاءات الكهرباء في موقع ”هيئة تنظيم الكهرباء و الإنتاج المزدوج“. أثار إنتباهي إنخفاض معدل إستهلاك المشتركين للطاقة الكهربائية متزامنا مع التغييرات التي أحدثها ”المركز السعودي لكفاة الطاقة“. فبالرغم من أن عدد المشتركين قد لاحظ إزديادا بمقدار 986،872 مشترك فيما بين عامي 2014 و 2106. إلا أن معدل استهلاك الطاقة بالكيلو وات ساعة للمشترك انخفض من 36،896 ك.و.س في عام 2014 إلى 34،468 ك.و.س في عام 2016. أي بنسبة 6.5٪ في عامين فقط. و يشير الرسم البياني المرفق إلي ذلك بوضوح.
و لقد تزامن مع بداية ظهور نتائج جهود ”المركز السعودي لكفاءة الطاقة“ في خفض وترشيد استهلاك الكهرباء، رفع أسعار شراء الطاقة الكهربائية بالقرار الوزاري رقم (95) و تاريخ 1437/3/17هـ. مما كان له أيضا أثر واضح و مباشر على انخفاض معدل استهلاك الطاقة الكهربائية للمشتركين.
و هناك فرق بين ”الترشيد“ و ”التوفير“. فالترشيد هو الحرص على استخدام الطاقة الكهربائية بكميات أقل و في حدود الحاجة فقط. بحيث أن المستهلك لا يشعر بالنقص في المميزات التي توفرها له خدمة الطاقة الكهربائية. مثل استخدام عزل أفضل للمباني و استخدام مكيفات و ثلاجات و غسالات تؤدي نفس الغرض و لكن بإستهلاك أقل للطاقة الكهربائية. و هذا ما سعى إليه ”المركز السعودي لكفاءة الطاقة“. أما التوفير فهو استغناء المستهلك عن بعض الخدمات التي تجعلها خدمة الطاقة الكهربائية ممكنة. مثل الإكتفاء بتشغيل مكيف واحد بدلا من إثنين. أو الإكتفاء بدرجة تبريد للغرفة على 24 درجة مئوية بدلا من 20 درجة مؤية. أو استخدام غسالات الملابس يوما أو يومين في الأسبوع بدلا عن استخدامها يوميا.
و بالنظر إلى الرسم البياني أعلاه. يظهر واضحا أن ”الترشيد“ أدى إلى إنخفاض مؤشر إستهلاك الطاقة بصورة طفيفة في المدة الزمنية ما بين 2014 و 2015. و المأمول أن يزيد الإنخفاض تدريجيا مع إستخدام أكثر للمواصفات الجديدة التي كان المركز السعودي لكفاءة الطاقة وراء تقريرها. أما ”التوفير“ فيظهر واضحا في الإنخفاض الكبير الذي حدث في مؤشر إستهلاك الطاقة جرّاء إرتفاع أسعار شراء الطاقة فيما بين 2015 و 2016.
إن الطاقة الكهربائية هي عصب الحياة في العصر الحديث. و اعتقد أن جميع المسؤولين عن قطاع الكهرباء يقدرون ذلك تماما. و لكن في نفس الوقت، فإن علي المستهلك أن يستخدم هذه الخدمة على قدر حاجته فقط. و أن يعمل كل مافي وسعه لترشيد استهلاكه و استبعاد كل ما من شأنه هدرها. خصوصا و أن هناك، حسب التصريحات، زيادة أخرى لأسعار شراء الطاقة الكهربائية قادمة في العام القادم. فيجب علينا من الآن إتخاذ التدابير التي من شأنها توفير إستهلاك الطاقة الكهربائية و ترشيد استخدامها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال