الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مستشارة تنمية اقتصادية
@consultant_nouf
ينتمي الاقتصاد المعرفي إلى المدرسة الاقتصادية الإبتداعية Heterodox Economics كما تعد المدرسة المؤسسية أقرب المدارس الاقتصادية فكرياً لمفهوم الاقتصاد المعرفي، كونها تركز على الأبحاث العلمية وحقوق الملكية الفكرية وتسير في أثر التكنولوجيا والمعرفه وتعمل على تحقيق الإزدهار والتطور والنمو.
ويعد كل من المعرفة الإنتاجية وإنتاجية المعرفه ركني مفهوم الاقتصاد المعرفي والمظلة التي تنضوي تحتها جميع المفاهيم المتصلة بالاقتصاد المعرفي، وعلى وجه الخصوص، يمكننا وصف المعرفة التي تسعى المؤسسات قاطبة على توليدها أو توطينها بأنها إنتاجية عندما تكون طبيعتها ديناميكية ومتطورة، ودالة على معرفه أو معارف أخرى، وأن تكون قابلة للتطبيق والتداول في العمليات والأنشطة الإقتصادية وقابلة للتحول إلى سلع وخدمات وأن تحقق الثروة والمنافع المعنوية.
ومن هنا جاءت أهمية “منتدى أسبار الدولي” – 2017 في دورته الثانية والذي سينعقد في نوفمبر القادم ليعزز هذه المفاهيم المعرفية والثورة الصناعية الرابعة بشراكات علمية واكاديمية ومهنية ومتحدثين محليين ودوليين ليواكب هذه الثروة المستدامة وتؤكد على أن التحول نحو الاقتصاد المعرفي ليسّ بالأمر الصعب إلا أنه يحتاج إلى فكر قيادي قادر على استشراف المستقبل ويؤمن بالعمل الجماعي، واثق بقدرات مجتمعه في بناء دولة المؤسسات التي ترى في المعرفه ثروتها والمنصة التي تنطلق منها.
عندما نتحدث عن “إدارة رأس المال المعرفي الشامل” فنحن نتحدث عن: إدارة المعرفة، إدارة الإبتكار، إدارة الملكية الفكرية وإدارة الأصول المعرفية .
مع الأسف تفشل الكثير من المؤسسات في إدارة الأصول المعرفية لثلاث أسباب رئيسية:
أولها سوء تقدير وقناعة الإدارة العليا بأهمية إدارة المعرفه، والسبب الثاني حداثة التطبيق وقلة التجارب العملية لإدارة المعرفة الذي تسبب في الغموض وسوء التقدير في التعامل مع هذا المفهوم وبالتالي أخذ طابع الإرتجالية التي أفرزت الكثير من الممارسات الخاطئة كالإعتقاد بأن إدارة المعرفة هي الوجه الآخر للهندسة الإدارية وهذا يخالف الواقع، والمساواة بين المعرفة والمعلومة والتركيز في تطوير إدارة المعرفه من خلال التطوير التكنولوجي وإهمال التطوير البشري. أما السبب الثالث فهو إفتقار العمل المؤسسي لأهم العناصر التي تعتبر صلب عمل إدارة المعرفة ونسيجها الوظيفي، كممارسة اللامركزية، وتعزيز ثقافة مشاركة المعرفه بين الأفراد والقطاعات وبناء الثقه بين الأطراف وإنشاء المستودع المعرفي .
ولنستطيع تفعيل اقتصاد المعرفة لابد من توفر مقومات عدة، كإعادة البناء المؤسسي للدولة بما يتفق مع مباديء الاقتصاد المعرفي المجتمعي، وتطوير البنى التشريعية والقانونية لبذل أسباب التحول نحو الاقتصاد المعرفي المجتمعي، وتطوير المناهج العلمية لكافة المراحل الدراسية على نحو يعزز القيم المعرفية والبناء التنموي القائم على التجربة الذاتية وتحفيز الإعتماد على الذات لدى شرائح المجتمع وتطوير مراكز البحث العلمي وإنشاء مجلس لدعم ورعاية المبتكرين والمبدعين والمخترعين .
حتى نتحول لمجتمع مبني على الاقتصاد المعرفي فذلك يعني أن ننظر للمعرفة بإنها سلعة قائمة، وأن نتبنى أنظمة الإبتكار التي تتكون من المؤسسات التعليمية والعلمية والقطاع الخاص، أن نطورالمناهج، أن نتحول من مفهوم الاستثمار المادي إلى الأصول المعرفية، ان نحقق عوائد اقتصادية او مالية او معنوية نتيجة لتوظيف وتجسيد المعرفة وتحويلها لسلع وخدمات، ذلك يعني ان تُستحدث مهن كالرئيس التنفيذي للعمليات المعرفية ومهندس المعرفه وخبير المعرفه ومحلل المعرفة وموظفي المعرفة.
ولابد من التأكيد على ديناميكية العلاقة بين نضوج إدارة المعرفة وحجم النمو الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل وأن المنشآت المتوسطة والصغيرة SME’s قادرة على تحقيق أعلى معدلات النمو بتطبيق منظومة إدارة المعرفه الشاملة الخاصة بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولابد من إثراء الخارطة الاقتصادية والمجالات الصناعية الجاذبة للإستثمار من خلال إصدار مؤشر لأفضل الصناعات والخدمات المعرفيه الواعدة.
في تصوري ان منظومة الاقتصاد المعرفي هي عبارة عن مكونات متداخلة ومتفاعلة ديناميكياً تؤدي مهام معينة بهدف الوصول لأهداف محددة بذاتها، بداية من تطوير المناهج للتعليم الأكاديمي الداعم للاقتصاد المعرفي من خلال استحداث مواد دراسية مبتكرة وتطوير الخدمات التعليمية كإنشاء وحدات البحث وبناء مراكز المبادرات والمواهب.
وتأتي المرحلة الثانية من إعادة بناء النظام المؤسسي بإرادة ودعم حكومي من خلال تطوير البيئة التشريعية كإعادة النظر في قيمة العنصر البشري والمعرفة ووضع أسس لقياس جودة رأس المال البشري ووضع معايير للإنفاق على الأبحاث في القطاعين العام والخاص، ومراجعة السياسات العامة للبعثات الدراسية في مجال الاقتصاد المعرفي، وتطوير الثقافة المؤسسية ودعم الأبحاث والدراسات والتطوير.
المرحلة الثالثة تكون من خلال استحداث وظائف ومهن في الاقتصاد المعرفي كما ذكرت سابقاً، ورابعاً تحسين بيئة العمل من خلال تعزيز ادارة الإبتكار وتوطين السلع الإبتكارية واستشراف الفرص الإستثمارية في هذا المجال، وإعادة النظر في الحوكمة الرشيدة وفق منظومة الاقتصاد المعرفي لتعزيز ممارسة الانتاج المعرفي، تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني والتي ترتكز عليها منظومة الاقتصاد المعرفي والذي يتطلب اجراء العديد من التغييرات في ادارة الدولة الاقتصادية مثل انشاء مراكز R & D التجارية وسبل التعاون مع القطاع العام، تأسيس الأوعية الاستثمارية والتمويلية اللازمة في دائرة الانتاج المعرفي، سبل دعم القطاع العام لإنشاء أسواق محلية وإقليمية لتسويق السلع المعرفية، وصيانة وحفظ الملكية الفكرية وبراءات الاختراع.
اما المرحلة الاخيرة تكون من خلال تعزيز التعليم المهني المستدام كالنعام بالممارسة وخلال الممارسة وبعدها وتعزيز مفاهيم تحقيق الأهداف الإبداعية القائمة على المفهوم الإنتاجي.
كل هذه المفاهيم والموضوعات سنشارككم بها وأكثر من خلال جلسات المنتدى والمعرض الإبتكاري المصاحب وورش العمل على مدار ثلاثة أيام في الرياض كمنصة فكرية ثقافية إعلامية تبرز الأثر المعرفي وأهميته في تطوير اقتصادياتنا، فالتحول نحو اقتصاد المعرفة قرار استراتيجي وتظل المعرفة قوة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال