الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لقد سرني في الأيام القليلة الماضية الاطلاع على العديد من تحليلات النقاد من أكاديمين وعاملين في مجال التسويق حول إعلان أحد المكتبات التجارية في السعودية عن العودة للمدرسة. ومما لفت نظري حول هذا الإعلان هو اهتمام كثير من غير أهل التسويق في معرفة وجهات نظر المتخصصين عن هذا الإعلان. وهذا يدل على ازدياد اهتمام الناس بجودة الإعلانات وأن العميل أصبح ذو ذائقة وعين ناقدة أكثر من ذي قبل مما سيجعل سوق الإعلان سوق تنافسي واعد في المستقبل.
أما بخصوص انقسام المتخصصين حول نجاح الإعلان من عدمه فلم أراه أمراً ملفتاً بذاته فهي كأي ظاهرة إجتماعية ينظر لها الناس حسب موقعهم من الظاهرة ويفسر كل منهم ما رآها حسب خلفياته المسبقة. ولكن ما لفت نظري في الحقيقة هو التسرع في الحكم على الإعلان أو الحملة التسويقية بالنجاح أو الفشل دون وجود شواهد محسوسة أو معرفة مسبقة بأهداف الحملة. فمثلاً، رأى بعض النقاد أن الحملة لم تكن موفقة بسبب تعزيزها لصورة ذهنية سلبية عن التعليم بينما من مسؤولية المكتبات الإجتماعية تحسين الصورة النمطية للتعليم والمساهمة في تطوير المنظومة التعليمة كأحد المنتفعين منها.
ورأى الأخرون أن الحملة لم تكن موفقة لأنها شوهت صورة الطريق الذي نلتمس فيه علماً والذي يسهل الله للعبد به طريقاً إلى الجنة. ومع إيماني التمام بأهمية مراعاة الجانب الديني والاجتماعي عند تصميم الإعلان ولكن الإخفاق في الجانب الإجتماعي في الإعلان لا يعني بالضرورة أن الإعلان لم يحقق هدفه التسويقي الذي كان يرنوا إليه. فيجب علينا كمتخصصين أن نحكم على الإعلان تسويقياً في المقام الأول ثم نعرج على النواحي الرئيسية الأخرى فلا تكون هي محور التركيز.
وفي الجانب الأخر يرى بعض المتخصصين نجاح الإعلان لأنه حقق الانتشار بين الناس وأيد رأيه بعدد المشاهدات المرتفعة والصدى الإعلامي حول هذا الموضوع. وهنا أحب أن أوضح نقطة هامة للغاية وهي أن الانتشار بحد ذاته قد يكون سلاحاً سلبياً على الشركة في المدى الطويل حتى لو حقق هذا الإعلان مبيعات عالية. كيف يكون ذلك؟!!
سبق أن ذكرت في مقال سابق “العلامات التجارية كذبة أم حقيقة؟” بتاريخ 26 يوليو2017 أن قيمة جميع الأصول المتداولة في شركة أبل 106 مليار دولار (في نهاية عام 2016م) لا تستطيع شركة قيمة العلامة التجاري الخاصة بها والتي تعادل 176 مليار دولار فبالتالي زيادة المبيعات والانتشار على حساب قيمة العلامة التجارية تدمير للشركة على المدى البعيد وليس نجاحاً. لذلك نحن دائما ما نركز على وجود مؤشرات متوازنة لنجاح الحملة التسويقية ولا يكفي أن تكون مؤشرات مطلقة جوفاء.
في نظري كمختص، أن الحكم على نجاح الحملة التسويقية من عدمه يحتاج نقطتين هامتين الأولى وجود أرقام والثانية معرفة أهداف الشركة من هذه الحملة والفئة المستهدفة. أما وجهة نظري كمشاهد للإعلان فقد كنت أتخيل صورة هذه المكتبة على هيئة رجل رياضي نشيط حيوي أنيق أما بعد مشاهدتي للإعلان أصبحت أراها بصورة شخص لا مبالي مرهق يسير بتقاعس وهو يقول هونها وتهون……..
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال