الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أظهر الرقم القياسي للأسعار لشهر أغسطس تراجعا عن نفس الشهر من العام الماضي بمعدل 1.2% و 0.4% عن شهر يوليو الماضي ، وهذا التراجع المستمر في الرقم القياسي للأسعار له أسباب كثيرة داخلية وخارجية وحسابية ، لكن من أهم تلك الأسباب وأكثرها تأثيرا برأيي هو تراجع المبيعات في قطاع التجزئة .
وقد أظهرت الإحصاءات لشهر أغسطس أن المعدل العام للأسعار السنوي لكافة القطاعات قد تراجع بنسب متفاوتة وكان أعلاها تراجعا قطاع الخامات والمعادن . والقطاع الوحيد الذي سجل معدل الأسعار السنوي فيه ارتفاعا هو قطاع المنتجات الغذائية . في حين أن مؤشر الرقم القياسي لتكلفة المعيشة قد انخفض في ثمانية أقسام في مقدمتها الترفيه والثقافة ، في حين ارتفعت أربع قطاعات أعلاها التبغ .
التراجع في معدل الأسعار العام ومؤشر تكلفة المعيشة أمر إيجابي ويصب في مصلحة المواطن ، علما بأنها لم تصل بعد للمستويات الذي يفترض أن تكون عليها ، فمازال التضخم عند أعلى مستوياته التي وصل لها مع نهاية العام 2016 . وذلك التراجع يمثل أحد مؤشرات الركود في مبيعات قطاع التجزئة .
ومؤشرات الركود في قطاعات التجزئة والقطاع العقاري كثيرة وبيّنة ؛فمن خروج بعض كبرى الشركات من السوق أو تخفيض أعداد فروعها ، إلى قلة وعدم المعروضات في المعارض ، وفراغ الأسواق منالمتسوقين ، وقلة المشترين من بين المتسوقين ، وجلوس البائعين على أبواب المعارض (يهشون الذبان) كما يقال في المثل الشعبي للدلالة على الركود . وقد سألت كثيرا من أصحاب مؤسسة والعاملين في السوق عن حال السوق ، كان الجميع يشتكي من التراجع الكبير في المبيعات بدرجة مؤثرة ومؤذية جدا لهم .
مبيعات التجزئة من أهم مؤشرات القوة الشرائية للمستهلكين من حيث العدد والقدرة المالية . لذلك يرجع بعض المحللين ذلك التراجع في مبيعات التجزئة إلى خروج أسر العمالة الوافدة من المملكة بسبب ضريبة المرافقين . وإن كان في هذا الكلام بعض الصحة لكن ليس بهذه الدرجة من التأثير لسببين ، الأول أن تطبيق الضريبة في بدايته وعدد الذين خرجوا ليس كبيرا مقارنة بمن بقي ، في حين أن الركود قد بدأ قبل أكثر من عام . وثانيا القوة الشرائية الحقيقية المؤثرة في السوق هي للسعوديين ، عدديا وقدرة مالية . إذا فإن التأثير الحقيقي لتراجع مبيعات التجزئة تعود لتراجع القوة الشرائية لدى المواطنين السعوديين وليس لخروج مرافقي العمالة الوافدة كما يروج له البعض.
تأثرت القوة الشرائية للمواطن السعودي بعدة عوامل أهمها تراجع الدخول بسبب إيقاف العلاوة السنوية وضعف التوظيف في القطاع الحكومي والتسريحات الكبيرة لموظفي القطاع الخاص وخفض رواتب الباقين ، بسبب توقف أو تباطؤ وتيرة المشاريع الحكومية . من جانب أخر التضخم الذي استمر لعدة سنوات حتى بلغ ذروته نهاية العام الماضي كان مؤثرا جدا على القدرة المالية للمواطنين السعوديين، والتراجع الحالي في المستوى العام للأسعار كان نزولا من الذروة ولم يبلغ بعد قدرات المواطنين ، بل انه مقتصر على أسعار الجملة ولم يشعر به المواطن بعد ، خصوصا في المواد الغذائية وبقية السلع الاستهلاكية الضرورية .
كل ذلك ولم تطبق بعد الزيادات في أسعار الوقود والطاقة ، التي متى تمت فإنها سوف تزيد من متاعب المواطن المالية وقدرته الشرائية وبالتالي يزداد تأثر قطاع التجزئة وبقية القطاعات الاقتصادية . وسوف يزداد الأمر سوءا مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة خلال العام القادم . تلك الظروف المؤكدة وغيرها من الظروف غير المؤكدة مثل استمرار تراجع أسعار النفط ، وارتفاع أسعار السلع المستوردة لمختلف الأسباب ؛ كلها تلقي بظلالها على قدرات المواطنين المالية وبالتالي رفاههم .
يبقى أن نسأل هل يستطيع حساب المواطن (المجهول مصيرة حتى الأن) أن يواجه كل تلك الضغوط ؟؟؟ وكم من المنشأت الصغيرة والمتوسطة في قطاع التجزئة تستطيع الصمود أمام موجة الركود هذه؟؟
وماذا ان استمر ضعف القوة الشرائية للمواطنين ؟؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال