الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا شك أن مجال تقنية المعلومات من أكثر وأسرع المجالات تطوراً، وما يشهده هذا المجال من تطور متسارع أدى لظهور مصطلحات مثل الاقتصاد الرقمي. ولتتعرف عزيزي القارئ على ماذا يعني الاقتصاد الرقمي يكفي أن تعلم اقتصاد كاليفورنيا وهي الولاية الأمريكية التي يوجد بها وادي السيليكون – مقر الشركات الأمريكية الكبيرة مثل جوجل وغيرها من شركات التقنية – يعد الاقتصاد السادس على مستوى العالم مقارنة بدول أخرى ويكفي أن تعلم أن إيرادات جوجل لوحدها تعد بالمرتبة 61 مقارنة بدول أخرى، ولاحظ أننا لم نذكر شركات أخرى مثل أبل وميكروسوفت وغيرها.
ولكي ننجح في الوصول للاقتصاد الرقمي لابد أن يسبق ذلك عملية تحول رقمي لكثير من المنظمات والدول، وتعرف عملية التحول الرقمي بشكل مبسط بأنها عملية المواءمة بين تقنيات وعمليات تقنية المعلومات واستراتيجيات الأعمال لدعم وتحسين كفاءة الأعمال في المنظمات والدول وإضافة مصدر دخل إضافي وتسريع عملية الابتكار.
وعملية التحول الرقمي ليست عملية سهلة فقد أشارت الاحصائيات الى أن أقل من 16% من المنظمات البريطانية التي شملتها إحدى الاستبيانات لديها استراتيجية بخصوص التحول الرقمي ولكن أكثر من 70% لديها خطط لإيجاد استراتيجية خاصة بالتحول الرقمي مرتبطة بنموذج تقني قديم جديد ألا وهو الحوسبة السحابية.
ومصطلح الحوسبة السحابية بشكل مبسط يشير إلى آلية تقديم خدمات تقنية المعلومات في أي وقت وأي مكان عبر الانترنت. وفي هذه المقالة سأتطرق لبعض الاحصائيات والنقاط المهمة التي تجعلنا نرىأن الحوسبة السحابية هي أساس للتحول الرقمي المقبل خصوصاً مع توجه المملكة العربية السعودية لدعم عملية التحول الرقمي وتنويع الاقتصاد الوطني، كالتالي:
• تكلفة أقل
تعد تكلفة انشاء مشاريع التحول الرقمي عالية جداً، إلا أن نموذج الحوسبة السحابية أدى لتقليل تكلفة استخدام خدمات تقنية المعلومات بنسب قد تصل إلى حوالي 30%. فمثلاُ استطاعت شركة Towergate وهي شركة تأمين كبيرة تخفيض 5 مليون دولار من تكاليف تقنية المعلومات لديها باستخدام الحوسبة السحابية. وتخفيض التكاليف لا يأتي فقط من خفض التكلفة الرأسمالية Capital Expenditure ( CAPEX ) والتي تشمل شراء المعدات والأجهزة بل يشمل ذلك لخفض التكلفة التشغيلية Operational Expenditure ( OPEX ) والتي تشمل الصيانة وتجديد رخص الاستخدام وغيرها.
• قياس أوضح للتكاليف
في تقنية المعلومات هناك مفهوم Total Cost of Ownership ( TCO ) وهو يشير إلى أن التكلفة لا تقاس فقط بقيمة الجهاز بل لابد من أن تشمل عوامل أخرى كالتدريب. ويساعد استخدام الحوسبة السحابية في تقليل التكلفة الشاملة بين 10% إلى 30% ويساعد أيضاً في إضفاء مزيد من الشفافية لاستخدام خدمات تقنية المعلومات بحيث تستطيع المنظمة قياس مدى استخدام الوحدات المختلفة بها للموارد الحاسوبية بدقة أكثر، وهذا العامل هو ما أدى بـ 30% تقريباً من الشركات البريطانية -المشمولة بإحدى الاستبيانات- لاستخدام الحوسبة السحابية.
• وقت أكثر للابتكار
نظراً لإن استخدام الحوسبة السحابية يحول أعباءً كثيرة من المنظمة إلى مزود الخدمة، فإن وقتاً أطول سيتاح لموظفيها للقيام بأعمال أخرى أغلبها يتعلق بالابتكار والتخطيط والاستراتيجيات الجديدة للمنظمة. حيث أكدت الاحصائيات أن أكثر من 60% من المنظمات الأمريكية والبريطانية التي استخدمت هذا النموذج لاحظت تحسناً في القدرات الابتكارية لموظفي تقنيات المعلومات لديها. كما أن ما يتم توفيره من تكاليف تقنية المعلومات يتم استثماره في أنشطة ابتكارية حسب ما أكده 50% من تلك المنظمات.
• خدمات ومنتجات جديدة
يتيح استخدام الحوسبة السحابية للمنظمات تقديم خدمات ومنتجات جديدة لم تكن متاحة من قبل إما بسبب ارتفاع تكلفتها أو بسبب عدم توفر الموارد الحاسوبية اللازمة. وهناك أمثلة كثيرة على خدمات وشركات جديدة انطلقت بفضل الحوسبة السحابية مثل Dropbox و Airbnb وغيرها. كما أن هناك تقنيات كثيرة مرتبطة بالحوسبة السحابية ويشكل استخدامها مصدراً متميزاً للخدمات الجديدة مثل البيانات الضخمة وانترنت الأشياء.
• استخدام أفضل للموارد
كانت المنظمات تعاني مسبقاً بأن معدل استخدامها للموارد والأجهزة منخفض، فمثلاً نسبة استخدام الخوادم في أغلب المنشآت لاتصل لـ 30% سابقاً ولكن مع ظهور التقنيات المرتبطة بالحوسبة السحابية ارتفعت هذه النسبة بـ 40%.
• تحسين مرونة تقنية المعلومات
من عيوب تقنية المعلومات التقليدية أنها تحتاج وقتاً طويلاً للاستجابة لاحتياجات المنظمة، فمثلاُ شراء جهاز خادم Serverقد يحتاج وقتاً طويلاً لمروره بعمليات الشراء التقليدية لكن مع الحوسبة السحابية بضغطة زر تستطيع الشركة توفير مورد حاسوبي. وقد أكدت دراسة من هارفارد بيزنس ريفيو أن هذا السبب يعد أحد الأسباب الرئيسية لاستخدام الحوسبة السحابية.
• ردة فعل أسرع لمتغيرات السوق
السوق الحالي متغير بشكل سريع وهذا يتطلب من المنظمات أن تتكيف مع كل متغيراته، خصوصاً الشركات الناشئة التي لا تستطيع الانطلاق بموارد حاسوبية عالية في البداية ولكنها لابد أن تكون مستعدة للتأقلم مع أي زيادة في عدد العملاء في أي لحظة، وأبرز مثال هنا تطبيق “صراحة” – الذي يستخدم الحوسبة السحابية – حيث بدأ بعدد بسيط من المستخدمين ولكنه الآن هو التطبيق الأكثر تحميلاً في أماكن كثيرة في العالم وربما لو لم يكن يستخدم الحوسبة السحابية لما استطاع التكيف مع الزيادة المضطردة لمستخدميه.
• زيادة الأرباح
وهذا هو ما تسعى له أغلب المنظمات – خصوصاً المنظمات الربحية- وقد أكدت دراسة قامت بها هارفارد بيزنس ريفيو أن 40% من المنظمات التي استخدمت الحوسبة السحابية حققت أرباحاً أكثر.
ومع هذه الفوائد يتضح لنا أن الحوسبة السحابية تعد منطلقاً متميزاً للتحول الرقمي مع وجود بعض العوائق التي قد نتطرق لها لاحقاً. ومع ذلك لايزال سوق الحوسبة السحابية في السعودية في بداياته ويحتاج تظافر الكثير من الجهود لينطلق بشكل أوسع وتعم فائدته الاقتصاد السعودي بمجمله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال