التخطيط والمجازفة

يواجه الشباب صعوبات حقيقية في التخطيط لمشاريعهم المستقبلية بدءا من الدراسة والتخصصات التي يرغبون فيها إلى المشاريع التي ينوون الاستثمار بها أو الوظائف التي يتمنون الالتحاق بها . وتلك الصعوبات تتمثل في الجانب المعرفي بطرق وأساليب التخطيط العلمي ، واعتقد أن التعليم العام والعالي مقصران في هذا الموضوع كثيرا ، فإن كانت بعض المناهج تتطرق إلى التخطيط بشكل نظري فإنها في جانبها العملي قاصرة جدا . ثم صعوبات جمع المعلومات التي يلزمها مهارات كبيرة ، خصوصا أن مصادر المعلومات لدينا مازالت محدودة وغير كافية ويشوبها الكثير من الغموض وعدم الدقة.

وأخيرا تحليل المعلومات والإستفادة منها مهارة عالية لا يتمتع بها معظم الشباب ، واتخاذ القرارات بناء على ذلك يعتريها الكثير من الأخطاء التي قد تهدم كل ما بناه الشاب وتطيش بأحلامه . 
مع ذلك اعتقد أن مشاكل التخطيط يمكن تجاوزها والتغلب عليها بقليل من الجهد ، ويمكن الدخول في دورات متخصصة لتعلم طرق وأساليب التخطيط ، وممارسته بشكل عملي . ويستطيع الشباب عرض خططهم على مختصين من ذوي الخبرات والمؤسسات التي تدعم الشباب الحكومية والخاصة ، وخصوصا المؤسسات التي تبنتها رؤية المملكة 2030 ، كل ذلك ميسور جدا . 

لكن ما لا يمكن تعليمه للشباب وتدريبهم عليه هي الجرأة في اتخاذ القرارات التي قد تصل في بعض الحالات والظروف إلى المجازفة . وقد أثبت التاريخ القديم والحديث أن الرواد الحقيقيون والناجحون نجاحا مذهلا هم أولئك الذين تمتعوا بقدرة عالية من المجازفة في اتخاذ القرارات الصعبة والمفصلية في حياتهم . 

اتحدث عن الشجاع في اتخاذ القرارت الصعبة وأنها من أهم مفاتيح النجاح في الحياة ، واعترف أني أفتقدت لتلك الشجاعة عندما أقنعت احدى الشركات في بداية حياتي العملية بتمويل مشروع جريء جدا وفي سوق ليس من السهل دخوله ، لكن لأسباب لا أعرفها تغيرت إدارة الشركة وأوقف المدير الجديد دعم المشروع ، فتوقف في مرحلة التأسيس ، ولم أجد من يتبنى الفكرة . واعتقد لو أني تحليت بالشجاعة الكافية وجازفت باكمال المشروع بمفردي لحققت نجاحا كبيرا ، لكن لم يحدث .

 لذلك مهما بلغت دقة التخطيط وروعة الفكرة المراد تنفيذها فإن القرار الشجاع يظل حاسما في تحقيق النجاح . لذا أنصح الشباب بعدم الخوف في اتخاذ القرارات ، وإعطاء مساحة من المجازفة في قراراتهم .