الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في العام 2015 مع الهبوط الشديد لأسعار النفط اتجهت أنظار المجتمع الدولي بشكل مكثف إلى الاقتصاد السعودي كونه من أكبر الاقتصادات التي تعتمد على إنتاج النفط. كان النفط وقتها يتدوال تحت مستوى 50 دولار للمرة الأولى منذ سنوات وأيضا فقد أكثر من 50% من قيمته خلال عام واحد. كما كانت التوقعات تشير الى مزيد من الانخفاض ما نشر الذعر والخوف حول الاقتصاد في الخليج وخصوصا في السعودية.
تنالت وقتها التقارير السلبية من المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني من حيث تخفيض التقييم السعودي وإرفاقه بنظرة مستقبلية سلبية ووصلت الى أن تضمنت توقعات صندوق النقد الدولي نفاذ السيولة من الاقتصاد السعودي خلال 5 سنوات. أما الكلام عن قيمة الريال وفك ارتباطه بالدولار فحدث ولا حرج. كل التقارير التي صدرت كانت تبرر توقعاتها بعدم وضوح الرؤية وعدم وجود خطط تغييرية للاقتصاد بشكل يمكنه من التأقلم مع الوضع الجديد وضبط الوضع المالي والنقدي في الاقتصاد الكبير المحاط بظروف سياسية وإقليمية مشتعلة ومعقدة.
رغم كل تلك الضبابية بخصوص المستقبل فإن مقومات الاقتصاد السعودي كانت متينة من حيث الاحتياطيات الأجنبية المرتفعة وحجم الدين الحكومي القريب من الصفر بالإضافة إلى متانة النظام المصرفي. كانت بوادر الخطط المستقبلية قد بدأت تتبلور من خلال عمل مجلس الشؤون الاقتصادية الحديث الإنشاء. لكن المؤسف أن التشكيك كان كبيرا حتى قبل إعلان أي خطط. ومع وجود السوشال ميديا تحولت مواضيع الاقتصاد السعودي والتخويف منه إلى أساليب جذب للمتابعين من قبل بعض المشاهير.
ماذا حصل بعد ذلك؟
يمكن القول بشكل مختصر أن السعودية تحولت إلى ما يشبه ورشة العمل الاقتصادية على كل الصعد. تم البدء في وضع خطط مستقبلية طويلة المدى توجت برؤية جريئة وطموحة جدا. في نفس الوقت كان العمل يجري للقيام بإصلاحات سريعة للحصول على استقرار مرحلي يتيح لفريق العمل الانتهاء من الخطط الأكبر. لم تكن الخطط مجرد أحاديث لأن القرارات التنفيذية كانت تصدر بشكل متواصل في كل المجالات. ومن أهم الأمور التي حصلت في السنتين الماضيتين اتفاق النفط العالمي مما جعل الأسعار تستقر ووتوقف عن الانهيار. تم أيضا إصدار سندات وبيعها في الأسواق العالمية بإقبال كبير. أما صندوق الاستثمارات العامة فقام بعدة عمليات استثمارية وضعته على خريطة المستثمرين الكبار عالميا.
ليس الهدف هنا إجراء تقييم للعمل لأن أهدافه بعيدة المدى وهو ما زال في بداياته. ما أوردته هو لمقارنة تقارير المؤسسات والوكالات الدولية في 2017.
مع تفاوت التقييم الائتماني من وكالة لأخرى إلا أن النظرة المستقبلية تغيرت من سلبية إلى مستقرة. كما أصبح صندوق النقد الدولي الذي كان يخشى نفاذ السيولة، يرحب بشدة بالإجراءات الإصلاحية التي تقوم بها السعودية كما أصبحت أنظار المجتمع الاقصادي الدولي تتابع بشكل أكبر من السابق مع توافر فرص استثمارية سواء من خلال الطرح المرتقب لأرامكو أو مشاريع الخصخصة أو الاستثمار الأجنبي المباشر.
لست من المعجبين بنظريات المؤامرة التي يتم إلصاقها بالمؤسسات الدولية وتقاريرها، مع علمي أن بعضها قد يتأثر أحيانا بعوامل مختلفة لكن ذلك لا يغير الجوهر. كما أنني لا أقول أن تلك التقارير هي وحدها ما يؤكد صحة العمل وصوابيته. ما أقوله أن المقارنة بين كل التقارير في 2015 ونفس التقارير اليوم تظهر اختلافا كبيرا جدا وفي نفس الاتجاه وهذا التغيير حصل بناء لتغير المعطيات على أرض الواقع. ونفس التقارير قد تتغير في المستقبل مرة أخرى اذا تغيرت طبيعة العمل.
المهم في اقتصاد الدول هو الاستراتيجيات الكبرى والنتائج النهائية. النتائج المرحلية قد تختلف باختلاف الظروف المحيطة. أهم انجازات المرحلة الماضية في الاقتصاد السعودي برأيي كانت انتشاله من الضبابية الكاملة إلى الاستقرار. ليست نتائج النمو والتوازن عند أهدافها المرجوة حتى الان لأن العمل ما زال في بداياته وأكرر أنه لا يمكن إجراء تقييم شامل بعد.
ألخص الموضوع بأسئلة مختصرة مع أجوبتها:
* هل أرقام الاقتصاد السعودي الان جيدة؟
– لا ولذلك يتم العمل على التغيير للمستقبل.
* هل النتائج مضمونة؟
– النتائج في علم الغيب لكن العمل في الاتجاه الصحيح.
* هل المستقبل يدعو للتفاؤل؟
– نعم وبكل تأكيد. هناك عمل كبير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال