الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يمكن الحديث عن التغيير في غياب الرغبة في إحداثه، ذلك أنه لا يمكن أن يتحرك الإنسان في أي اتجاه دون وجود الحافز، و لا تتأتى الرغبة في التغيير في حال الإحجام عن محاولة الفهم أو عدم القدرة عليه، فإدراك الحافز هو الطريق الموصل إلى التغيير، و يمكن القول أن معظم محاولات التغيير يكون السبب الأول في فشلها، هو أن التغيير المستهدف غير مرتبط بصورة واضحة و مفهومة تجعل حدوثه أمرا حتميا لابد منه. التغييرات تحدث غالبا لأن أمرا ما أو طريقة ما أو نظاما ما لم يعد قادراً على خدمة الغرض الذي وجد من أجله بالشكل المطلوب. و من المستبعد أن يظل شيء دون تغيير، فطبيعة الكون منذ أن خُلق تفرض على كل شيء التغير في إطار الزمان و المكان و إن حدث و توقف هذا التغير فهذا يعني أننا عالقون في أحد الظرفين الزمان أو المكان أو كليهما.
و بجانب طبيعة الأشياء التي لا تقبل الثبات، فإن رغبة الانسان في الارتقاء إلى الأفضل و تحسين جودة و نوع الحياة التي يحياها هي سبب أيضا، و هنا مشكل آخر يكمن في أن البشر لا يمتلكون جميعهم تلك الرغبة أو قد تنحصر آمالهم وطموحاتهم في مجرد العيش دون النظر إلى جودة الحياة التي يحيونها، ربما نظرا لظروف معيشية قاسية تجعل من التفكير أمرا ذهنيا مجهدا أو ترفا لا طائل منه، أو ربما لخلفيات ثقافية تؤصل لفكرة التمسك بالموروثات دون عرضها على مقياس المنطق أو الدين، أو ربما يعود الأمر لفهم معين للدين يرفض فكرة التغيير خوفا من المساس بما يعتقد أنه من الثوابت التي لا تقبل النقاش! أو ربما للاعتقاد أن التغيير أمر مستحيل الحدوث!
التغيير نشاط ذهني قبل أن يكون نشاطاً عضلياً أو مادياً، و ثمرة جهوده تظهر حين يكون الثمن جهدا و وقتا ، و قد تكون الموارد المالية هي آخر متطلبات التغيير على عكس ما يعتقد الكثيرون، ذلك أن معظم التجارب الناجحة في هذا المجال، لم تكن في مجتمعات تمتلك الكثير من حقول النفط أو الثروات المعدنية…!
مثل هذا الطرح يفرض أسئلة عن نوعية التفكير والجهد الذي يُبذل لتغيير مستهدف معين، و ربما يكون التساؤل بشأن آلية التفكير أجدر بالتحليل و الدراسة، فآلية التفكير هي التي ستسير التغيير و ستبقيه في غالب الأحيان في الاتجاه الصحيح، لماذا في “غالب الأحيان” لأنه من الخطأ الاعتقاد بأن التغيير سيكون مثاليا و موفقا على الدوام.
وما يمكن فعله هو الحد من عدد المرات التي ينحرف فيها عن وجهته المنشودة… لأن التجربة تبقى انسانية لا تخلو من أخطاء، و يكمن السبب في نظري في عدم تعطل النظم لدى الأمم و الدول التي استطاعت التغير إلى الأفضل إلى أن أنها استندت في خططها إلى النظرية القائلة بأن الأنظمة لا تعمل من تلقاء نفسها، كما أنها تحتاج -أي الأنظمة – إلى مراجعة و تمحيص من حين لآخر للتأكد من ملاءمتها للواقع و التطبيق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال