وظائف فوق البركان

إذا كانت التكنولوجيا منحت فرصاً عظيمة للتقدم بالنسبة للبعض فقد هددت وجود البعض آخر، كثيرون استثمروا التطورات التكنولوجية في تطوير وظائفهم ومجالات عملهم وكثيرون أيضاً عجزوا عن تحقيق التوافق معها فتراجعوا خطوات وتراجعت معهم وظائفهم، التقارير تشير الى أن هناك وظائف لن يكون لها وجود في الغد والسبب يكمن في تكنولوجيا يتم ابداعها تحل محل الوظائف ومحل شاغليها، الموظفون في شركات السياحة يواجهون تهديداً حقيقياً فهم الآن مازلوا يجلسون على مقاعدهم ويستقبلون عملائهم في مكاتب السياحة، يبيعون لهم التذاكر أو يخططون لهم رحلاتهم السياحية، عدد كبير من عملائهم الآن يحصلون على الخدمة عن طريق الانترنت بجودة أعلى وبسعر أقل وفي وقت أقل، كل يوم يتمكن العميل السياحي من الحصول على خدمات سياحية متكاملة وهو يتناول قهوته في بيته أو يجلس مسترخياً في مكتبه، التطبيقات في هذا المجال تتطور ولا عزاء لموظفي شركات السياحة.

أمين المكتبة يواجه أيضاً خطراً كبيراً، هذا الموظف الذي يستقبلك في المكتبة ويساعدك على اختيار كتب او استعارتها او قراءتها ستحل محله أنظمة تمكن عميل المكتبة من التحرك بحرية والحصول على الخدمة التي يرغبها دون انتظار أمين مكتبة مشغول بالتفكير في مستقبل غامض.

سائق التاكسي ليس أفضل حظاً من سابقيه فالشركات العالمية التي اخترقت اسواق العالم الآن بخدمات وتطبيقات تكنولوجية عجيبة في مجال نقل الأفراد وبمنظومة احترافية توظف أصحاب السيارات الخاصة في نقل الأفراد داخل المدن تجبر سائق التاكسي التقليدي وصاحب الامكانيات المحدودة على قطع الشوارع ذهاباً واياباً املاً في اصطياد عميل أفلت من قبضة ( أوبر) وأشباهها.

السكرتير أيضاً يواجه أزمة خطيرة في المستقبل القريب، تطبيقات تكنولوجية في متناول كل مدير تمكنه من الحصول على خدمات سكرتارية متكاملة وتشجعه على الاستغناء عن خدمات سكرتير متكاسل أو تنقصه الخبرة والمهارة. التقارير مفجعة أيضاً للجالسين على الهواتف في أقسام خدمة العملاء، التكنولوجيا تتربص بهم بابداعات تحل محلهم فترد على العميل وتعرف احتياجاته وتنقل مشكلاته.

موظفو البنوك سيقل عددهم في المستقبل والبشائر ظهرت الآن في أجهزة تقف في الشوارع فتصدر الشيكات وتحول الأموال وتصرفها وتفعل كل ما يطلبه العميل في غمضة عين. وموظفو البريد عليهم توقع الأسوأ بتطور وسائل نقل الطرود والرسائل وبالاستغناء تدريجياً عن كثير من المكاتبات الورقية.

الجميع عليه الانتباه في مستقبل امتلكت التكنولوجيا ناصيته والجميع عليه التعامل مع مستجدات لا تعرف الشفقة أو الرحمة. الأمر لا يتعلق فقط بالوظائف بل سيمتد لمؤسسات تمارس أنشطة او تقدم منتجات وخدمات ستستولي عليها التكنولوجيا بالقوة واذا لم تصحح هذه المؤسسات أوضاعها وتغير طريقتها فعليها أن تنسج أكفانها وتستعد للموت المحتوم.