الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كتبت في مقال سابق -مهرجانات قانونية- عن التجمعات باسم مهنة المحاماة، التي ورغم انتشارها لدينا بشكل كبير إلا أنه مازال كثير منّا لا يعرف الفرق بين إحداها والأخرى، وأن كل واحدة من هذه التجمعات تختلف عن غيرها من حيث نوعية الأعضاء، وطبيعة الأطروحات، والمدة الزمنية وغير ذلك من الفروقات.
فعلى سبيل المثال فإن ورشة العمل لا تتجاوز مدتها يوم أو يومين على أقصى تقدير، أما الدورة التدريبية فقد تصل مدتها لأكثر من ذلك. كما وأنه في معظم الحالات يلقيها مدرب واحد ويكون الغرض منها غالبًا التدريب على المحتوى التعليمي وتبادل المعرفة، وليس تبادل بطاقات العمل وتوزيعها على الحضور كما يحدث في المؤتمرات وتمضية الوقت في استراحة القهوة والاهتمام بإلقاء السلام والتعرف على الحضور أكثر من الإنصات للمادة المُقّدمة.
المؤتمرات، وهي الحدث الذي سأخصه في هذا المقال، فهي -وبالتحديد التي تحدث في هذه الفترة الاخيرة- لاحظنا بأنها غالبًا ما تستهدف المخضرمين في المهنة وتحمل عنوانًا عامًا وتعريفًا بسيطًا يكون الجزء الأهم منه هو الشخصية الشرفية التي سترعى هذا الحدث، والتي لا تحضر في الغالب، وإن حضرت فسيكون ذلك في اليوم الأول أو جزء منه، ويجلس على جانبيها في الصف الأول لفيف من أصحاب البشوت، الذين يليهم صفوف عديدة يغلب عليهم النعاس.
يرى كثير من الناس أن هذا النوع من التجمعات التي زادت وانتشرت كانتشار النار في الهشيم تعتمد على المظاهر ويكون الهدف منها هو البحث عن الصيت، وبالتأكيد عن العوائد المالية التي تجلبها الرعايات واشتراكات الحضور التي تصل رسومها أرقامًا مبالغ فيها. كما ونلاحظ أيضًا بأن هذه المؤتمرات تتنقل بين عدة مدن ودول أينما تقتضي مصلحة المُنظمين له. وهؤلاء المنظمون قد لا ينتمون للبلد التي تحتضن الحدث، الأمر الذي لا نعرف فيما إذا كان بحثًا عن مزيد من الدخل المالي أم أن هنالك أسباب أخرى لا نعرفها.
المثير للاهتمام أن هنالك أنواع من المؤتمرات تمنح عضويات للحضور في زمن قياسي وبلا أي قواعد كمؤتمرات التحكيم مثلًا، فقد تحصل على عضوية تؤهلك لأن تكون مُحكمًا معتمدًا دوليًّا في غضون يومين، حتى ولو لم تتخرج من الجامعة أو تحصل على شهادة البكالوريوس، كما رأينا في مؤتمر إقليمي للتحكيم مؤخرًا، ورأينا أيضًا بعض المنظمين للمؤتمرات يسعون للاستعانة بشخصيات مشهورة من خلال السوشال ميديا لحضور المؤتمر رغبةً منهم في استقطاب عدد أكبر من الحضور حتى وإن كانت هذه الشخصيات لا تملك أي مؤهلات لذلك.
ولكن حتى نكون منصفين، ليست جميع المؤتمرات تتسم بهذه الصفات، فالتجمع بين أبناء المهنة الواحدة في حد ذاته أمرًا إيجابيًا، لكن التساؤلات التي نود إثارتها هنا: الترخيص الذي على أساسه عُقِدت هذه المؤتمرات، إلى أي معايير استند؟ وهل هنالك مراجعة لنتائج المنظمين في مؤتمراتهم السابقة حتى يُمنح لهم تصريح في مؤتمراتهم المستقبلية؟ في حال انعدام الرقابة الذاتية لدى بعض المنظمين، هل من الضروري أن يستعاض عنها برقابة خارجية، أم أن موضوع المؤتمرات ليس ذو أهمية أو أولوية لدى الجهات المسؤولة؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال