الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تستخدم بعض البلدان سعر صرف ثابت ترتبط فيه قيمة عملتها المحلية بعملة أجنبية واحدة أو بمؤشر عملات. وعلى الرغم من أن قيمة العملة المحلية ثابتة من حيث العملة الأجنبية التي ترتبط بها، فإنها تتحرك وفقا لتلك العملة مقابل العملات الأخرى. ويمكن للحكومة أن تربط قيمة عملتها بعملة مستقرة، مثل الدولار.
على الرغم من أن البلدان التي لديها سعر صرف ثابت قد تجذب الاستثمار الأجنبي لأنه من المتوقع أن يبقى سعر الصرف مستقرا، وضعف الظروف الاقتصادية أو السياسية يمكن أن يدعو الشركات والمستثمرين للتشكيك فيما إذا كان الربط سيستمر. فالبلد الذي يعاني من ركود مفاجئ قد يواجه تدفقات رأس المال إلى الخارج حيث تقوم بعض الشركات والمستثمرين بسحب الأموال لأنها تعتقد أن دول أخرى توفر فرصا استثمارية أفضل. وتؤدي هذه المعاملات إلى تبادل العملة المحلية بالدولار (او عملات أخرى) بالتالي تضغط على قيمة العملة المحلية. عندها سيحتاج البنك المركزي إلى تعويض هذا الضغط عن طريق التدخل في سوق الصرف الأجنبي، ولكن قد لا يكون قادرا على الحفاظ على الربط.
إذا تم كسر الربط وإذا كانت أسعار الصرف تمليها قوى السوق، فإن قيمة العملة المحلية يمكن أن تنخفض فورا بنسبة 20٪ أو أكثر.
وإذا كان المستثمرون الأجانب يخشون أن يتم فك الربط، فسوف يبيعون استثماراتهم بسرعة في ذلك البلد ويحولون الاموال إلى عملتهم المحلية. وتؤدي هذه المعاملات إلى مزيد من الضغط الهبوطيعلى العملة المحلية في ذلك البلد. حتى مواطني البلد قد يبيعون استثماراتهم المحلية وتحويل الاموال إلى الدولار (أو عملات اخرى) إذا كانوا يخشون كسر الربط. وللأسباب التي أوضحناها توا، يصعب على بلد ما أن يحافظ على سعر صرف مربوط بينما يواجه مشاكل سياسية أو اقتصادية كبرى. وعلى الرغم من أن البلد الذي يكون سعر صرفه ثابتا مستقرا يمكن أن يجتذب الاستثمار الأجنبي، فإن المستثمرين سينقلون الأموال إلى بلد آخر إذا كانوا قلقين من انقطاع الربط. ومن ثم، فإن نظام سعر صرف مربوط يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من عدم الاستقرار في اقتصاد بلد ما.
كمثال على ذلك في عام 1994، استخدم البنك المركزي المكسيكي نظام سعر صرف خاص ربط البيزو بالدولار الأمريكي لكنه سمح له بالتقلب مقابل الدولار داخل النطاق، وقام البنك المركزي المكسيكي بفرض قيمة البيزو من خلال التدخل المتكرر، وشهدت المكسيك عجزا كبيرا في الميزان التجاري في عام 1994، مما قد يعكس سعر بيزو مبالغ به مما شجع الشركات والمستهلكين المكسيكيين على شراء كمية مفرطة من الواردات. واعترف العديد من المضاربين الذين يتخذون من المكسيك مقرا لهم بأن البيزو يجري الحفاظ عليه عند مستوى عال للصرف امام الدولار بشكل مصطنع، وتوقعوا انخفاضه المحتمل عن طريق استثمار أموالهم في الولايات المتحدة. وكانوا يخططون لتصفية استثماراتهم في الولايات المتحدة في حالة ضعف قيمة البيزو حتى يتمكنوا من تحويل الدولار من تلك الاستثمارات إلى بيزو بسعر صرف موات. وبحلول ديسمبر 1994، كان هناك ضغط هبوطي كبير على البيزو. وفى 20 ديسمبر 1994، خفض البنك المركزي المكسيكي البيزو بنسبة 13% تقريبا. وانخفضت اسعار الاسهم في المكسيك حيث باع العديد من المستثمرين الاجانب اسهمهم وسحبوا اموالهم من المكسيك تحسبا لمزيد من انخفاض قيمة البيزو.
وفى 22 ديسمبر، سمح البنك المركزي بالتعويم بحرية، وانخفض بنسبة 15 %اخرى. وكانت هذه بداية ما أصبح يعرف باسم أزمة البيزو المكسيكي. وفي محاولة لثني المستثمرين الأجانب عن سحب استثماراتهم في سندات الدين في المكسيك، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة. غير أن ارتفاع المعدلات زاد من تكلفة الاقتراض بالنسبة للشركات والمستهلكين المكسيكيين، مما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي. وقد تسببت المشاكل المالية للمكسيك في فقدان الثقة في الأوراق المالية الخاصة المقومة بالبيزو، وبالتالي قامت بتصفية تلك المراكز وتحويل الأموال إلى بلدان أخرى. هذه الإجراءات وضعت ضغطا هبوطيا إضافيا على البيزو. وفى الشهور الاربعة بعد 20 ديسمبر 1994 انخفضت قيمة البيزو بنسبة اكثر من 50 % مقابل الدولار.
وربما لم تكن الأزمة المكسيكية قد حدثت لو سمح للبيزو بالتعويم طيلة عام 1994، لأنه في هذه الحالة كان البيزو يمكن أن يتحرك نحو مستواه الطبيعي. وتوضح الأزمة أن تدخل البنك المركزي قد لا يكون قادرا على التغلب على قوى السوق، وهو ما يشكل حجة للسماح بحرية تعويم العملة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال